بحث هذه المدونة الإلكترونية

2/29/2020

قصة قصيرة فنجان قهوة

قصة قصيرة
مهداة إلى روح الصديق العزيز حاتم فاضل


فنجان قهوة
لم يكن مشروع ناءٍ في وسط الصحراء جمعني مع صاحبي، مكان عمل فحسب أو مجرد مجموعة أعمال تنتهي فينتهي كل شيء مع صاحبي.. بل كانت سببا في نشوء علاقة بين عائلتين.. علاقة جميلة، تتشارك معا في المناسبات والحكايات تحت أصوات القنابل التي كانت تضرب في العمق البعيد من المدينة...جمعنا العمل وجمعتنا فعاليات الحياة وجمعنا الكمأة بعد موسم عاصف وممطر من أرض مجاورة....كان صاحبي حلو المعشر وكثير الأصدقاء والأقارب، وكان بيته رغم حجمه الصغير يجمع القريب والغريب.. كانت أسرته كريمة مع ضيوفها...كنا نستشعر الفرحة في الوجوه.. عندما كنت أزوره مع زوجتي، يطلب من زوجته تحضير القهوة وهو شديد الحب لشرب القهوة مع وجود دخان سيجار تفوح منه رائحة التبغ المعتق..عُرف عن صاحبي شغفه بمعرفة الأسرار و الغيبيات والماورائيات ويحب أن يسمع من الذين يدعون معرفة المستقبل..

كنت انا قد عرفت بعض أسرار قراءة الطالع في فنجان القهوة من امرأة مسنة، تكشف لنا أمورا، كنا نعتقدها صحيحة، فذكرت هذه القصة لصاحبي في احدى المناسبات في منزله، فأمسك صاحبي بي وظل يطلب مني في كل مناسبة أن أقرأ طالعه في فنجان قهوة.. لم يكتفي بذلك فقد اخبر الجميع من اقربائه والأصدقاء وحتى العاملين الأجانب في المشروع بموهبتي هذه وظل يلاحقني في كل يوم مرة او مرتين بقراءة طالعه في فناجين كبيرة أيمانا منه أن الحجوم الكبيرة من الفناجين تعطي اسرارا اكثر...يا لقلب صاحبي الطيب.. لا أكتم سرا فقد استهواني رؤية الفرح في عيون صاحبي وانا اقرا له بعيون احمرّت من تركيزين أحدهما من قراءة الفنجان، فوجدت نفسي جاهزا للتبصر في فنجان صاحبي إذا ما طلب ذلك..لقد صدقت بعض قراءاتي وتوقعات طالعه كما كان يخبرني ما زاد في طلباته وتشجيع الآخرين ووضعهم امامي لقراءة طالع كل منهم..كنا نضحك ونفرح، واسمع تعليقات جميلة من هنا وهناك عن موهبتي هذه... وقبلت التحدي في مناسبات كثيرة ونجحت في الاختبار واستحسن أقرباء صاحبي قراءة الطالع حتى وقعت في مأزق عندما جاء صاحبي ومعه اربعة عشر امرأة من أقربائه وطلب مني قراءة طالع..تبادلنا الضحكات وسمعت كلمات إطراء من صاحبي وظل يشجعني وما كان مني إلا أن أقبل رجاءه فبدأ مشوار طويل من التبصر ترك أثرا في عيني لاحظه مديري في العمل في صباح اليوم الثاني وعندما سأل عن السبب بادر صاحبي ورد عليه وأخبره بالقصة..فقد فضحني أمامه.. بلهجة تهكمية استنكر مديري ما قمت به لكن بعد وقت آخر أرسل في طلبي وبمفردي لأقرأ له طالعه.. ضحكت في سري .. وجدت من واجبي أن أجيب طلب مديري وألا يمنع عني إجازتي القادمة...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق