في مجال التصوير الفوتوغرافي، يُطلق
على الصورة الأساسية الملتقطة للشيء مصطلح "الصورة الإيجابية"، ولكن في
عالمنا هذا، توجد العديد من التناقضات بين مفاهيم مختلفة، حيث تتباين بين الصواب
والخطأ، وبين الخير والشر، وبين الثراء والفقر، وهكذا فيما يتعلق بصور الحياة
الأخرى.
عندما خلق الله تعالى الإنسان،
أُدرجت معه كل هذه التناقضات ليعيش بينها حتى ينتهي عند إحداها، حيث يمكن للإنسان
أن يختار السلوك الاجتماعي الإيجابي الذي يُسهم في رفاهية المجتمع، أو يمكنه أن
يسلك الطريق السلبي.
عندما نحاول فهم الأسباب وراء اختيار
الإنسان لسلوك معين أو صفة معينة، نجد أن الجواب يكمن في أصوله وفروعه. لنقرب
الصورة، دعونا نأخذ مثالين: إنسان ذو ثراء مادي واجتماعي، وآخر فقير يكافح لتأمين
قوت يومه. يمكن أن يكون الإنسان المالي المتميز من أصول عائلة غنية، أو ربما يكون
قد عمل بجد في مراحل حياته ليصل إلى مكانته الاقتصادية الحالية. أما الفقير فيمكن
أن يكون قد ولد في عائلة فقيرة، أو ربما لم تمنحه الفرص الكافية لبناء مستقبل مادي
مستقر، وهذا نتيجة لعوامل كثيرة يُشترك المجتمع في تكوينها..
باستنادنا إلى هذه القواعد، يمكننا
أن نقول إن صورة الإنسان يمكن أن تتجلى بوجهين: الإيجابي والسالب، تماما كما يحدث
في التصوير الفوتوغرافي. وفي الواقع، يمكن أن يتناقض الأمر أيضاً.
ومع ذلك، هناك حالات شاذة تظهر في
المجتمعات، حيث تتنافى المظاهر الظاهرية مع الوضع الحقيقي للأفراد. فمثلاً، يمكن
أن نرى موظفاً بسيطاً يعاني من دخل محدود، ومع ذلك يمتلك منزلاً فاخراً وسيارة
باهظة الثمن، ويتمتع بمستوى معيشي فاخر، مما يثير تساؤلات حول مصدر ثروته. هل هو
وريث لثروة عائلية؟ أم أنه يعيش على دخل غير مشروع؟
ومن الناحية الأخرى، يمكن أن نشاهد
شخصاً يمتلك ثروة كبيرة، لكن أسلوب حياته ومظهره يفتقران إلى الرفاهية، وذلك قد
يكون بسبب خلقه المتقشف أو تفضيله للبساطة، أو ربما يكون بخيلاً.
في ندوة سابقة في بريطانيا، طُلب من
الحاضرين الإفصاح عن وضعهم المادي. فأفصح أحدهم بأنه غني ويعيش حياة مرفهة، بينما
أكد آخر أنه لا يمتلك سوى دخله الشهري ويعيش بكفاءة مادية محدودة. وبينما ذكر آخر
أنه ليس لديه الكثير من الثروة المالية، إلا أنه يشعر بالثراء نظراً لصحته الجيدة
ومقارنته بالأشخاص الذين يواجهون الفقر المدقع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق