تحت ظلال شجرة التوت.... رسالة من أجل استعادة الحقل
البداية....
كان يعيش مع أفراد عائلته في
بيت بسيط في أحد أطراف حقل أخضر يملكه وكان يعتاش منه، ويطعم نفسه وأبنائه من وارده و يبيع محصوله في
سوق قريب إلى القرى المجاورة.
علّم أبناءه على حب حقولهم و زراعتها وعدم الإفراط به ليكون لهم ول أولادهم و كل شيء في حياتهم.
أحسن الأبناء في عملهم في
الحقل وزاد إنتاجها فأصبحت عائداته كبيرة.
واستثمر بعضها من قبل بعض
أبنائه في نشاط آخر غير الزراعة.
فقد عرفوا هؤلاء تربية الأغنام
والأبقار أكثر من غيرها من الأعمال،
فزادوا من إنتاج اللحوم والحليب وعرفوا أكثر عن استثمار جلودها وصوفها، فانبرى لها
آخرين من أبنائه.
كما لجأ آخرين الى تربية
الدواجن وزادو من أنتاج لحومها وبيضها، بينما بقي أخوان لهم مستمرين مع والدهم في
الزراعة.
أستمرت هذه العائلة في إيجاد الفرص لها وتنوعت أعمالهم حتى أصبحت بحاجة إلى أيدي عاملة تساعد في نمو الحقل.
فلجأت إلى القرى المجاورة
وخاصة من تلك التي تعاني من ضيق في العيش ......
وبدأت تطلب فتيانها للعمل معها
مقابل أجور مجزية مسنخدمين وسائل الترغيب لتشجيع الآخرين للعمل مع تلك العائلة.
وضع رب الأسرة قوانينه لضبط
العمل والعاملين ونجح معتمدا على فطرته في قيادة الحقل.
كان نجاح صاحب الحقل وأبنائه
مبعثا لسخط وحسد قرى مجاورة وقرى بعيدة أيضاً.
فبدأت بوادر تنذر بالاعتداء على الحقل ومحاولة تخريبها لوقفه عن الإنتاج والتعاظم، من خلال خلق المشاكل بينه
وبين القرى المجاورة والتجاوز على أرض حقله وموارده أو قطع ما يحتاجه من مستلزمات
لتطوير حقله.
استمرت أحقاد الآخرين وأطماعهم
في الحقل حتى وقع في ما لا يحمد عقباه..
فوقع الحقل في سحابة من الدخان
ثم أسيراً بأيدي المعتدين وتفرق أهله وأشتظت أرضه وباتت تنتظر خلاصاً روحيا
ونفسياً.
لكن كيف؟ هذا ما سيعمل عليه
صاحب الحقل الذي أتكأ على ساق كبيره شجرة توت وبدأ يستجمع قواه لعودة الحقل إليه وإلى أولاده....
بعد الدخان...
أمسك صاحب الحقل، وهو يتوسط أولاده في مجلسه تحت ظلال شجرة التوت، بعصا
غليظة ليرسم خطوطا في الطول وأخرى في العرض والكل يترقب صاحب الحقل ما سوف يطرحه
من افكار تساعد في خلاص الحقل من التشظي وإعادته الى أحضان أولاده.
تيقن الأبناء ان والدهم يرسم خريطة الحقل وقد قسمها إلى ثلاث أقسام
وبدأ بوضع أحجار مختلفة الحجم في كل قسم.
كان أغرب مافي ذلك وجود أعداد من الحجر أقل في قسم كبير من الحقل،
فتساءل الأبناء عن سبب هذا الاختلاف بحجم الأحجار فأجابهم بان ذلك يعود إلى
أولويات التحرك وأهمية دور كل واحد منهم في قيادة فريقه لإسترجاع قسمه.
وبعد ساعات من نهار طويل، فهم الجميع
وفهم كل واحد دوره وما هو مطلوب منه في أستعادة جزءاً من الحقل...
بالرغم من وضع الخطط وشرح اللازم لإستعادة الحقل الاً أن صاحب الحقل لم
يخفي مخاوفه من وجود مقاومة شرسة يواجهها المجتمعون من أجل استعادة الحقل، وعلى
الجميع ان يعرف ذلك وأن يعبروا عن صمودهم برفع راية موحدة خضراء رمز لأرض الحقل
كما تحتوي على سبعة نجوم بيضاء أثنان منها كبيرة
وخمسة نجوم أخرى صغيرة تحتل الزاوية العليا من زوايا الرايه قرب السارية،
لم يصرح صاحب الحقل إلى رمزيتها الا بعد استعادة الحقل.
ومن الأمور الأخرى التي طلبها صاحب الحقل من أبنائه ان يرجعوا إلى
والدهم في إتخاذ القرار المناسب عند مصادفة أحداث ليس بالحسبان او أحداث تحتاج إلى
قرار حكيم ومهما كانت التضحيات.
سيخرج الأبناء وفي جعبة كل واحد منهم عدد من التعليمات والنصائح لغرض التحرك
بشكل صحيح وتضحيات قليلة، وأتفق الجميع على لقاء أسبوعي في نفس المكان في
الحقل..تحت شجرة التوت.
بالرغم من أن المجتمعين يملكون الأموال والتي ستكون أداة مهمة لاسترجاع
الحقل إلا ان صاحبه طلب تنمية جزءا منه في التجارة الشريفة لديمومة عمل الأبناء في
أسترجاع الحقل ولا داعي إلى طلب الأموال من الآخرين لأن ذلك يقع الحقل تحت رحمة
شروط عظيمة لا داعي لها.
أنطلق بعض الأبناء إلى أحد الأقسام الذي أشار له صاحب الحقل باربعة
حجارات أثنان منها كبيرة وأخرى متوسطة ورابعة صغيرة كما أنطلق آخرين إلى قسم آخر
أكبر؛ وضع صاحب الحقل ثلاث حجرات وأبناء آخرين إلى قسم كبير أيضاً مثلّه صاحب
الحقل بحجارتين.
أدوات
ووسائل......
كان صاحب الحقل قد أختار لكل فريق من يقوده والذي له معرفة واسعة
بأحوال الناس في القرى القريبة والبعيدة وله معرفة بالأدوات والوسائل التي يحتاجها
في عمله لتجنب تقديم تضحيات كبيرة، فكان لا بد من تعدد وسائل الاتصال مع صاحب
الحقل والتبادل معه أحاديث إسترجاع الحفل
واستلام الأوامر مباشرة دون تأخير.
أبلغ صاحب الحقل جميع الفرق بضرورة التنسيق بينها عند العمل في المناطق
المشتركة بين أقسام الحقل ولا داعي إلى الرجوع إلى صاحب الحقل.
وبسبب استقلالية الفريق الواحد فكان لا بد له من أموال خاصة تموله
لتساعد في ديمومة العمل لإستعادة الحقل، لذا كانت الأموال عندما تجمع لدى صاحب
الحقل، سيقوم بإرسالها إلى الفرق لصرفها على أفرادها ونشاطها. يتصف هؤلاء الأبناء
بالنزاهة والعمل المهني الكبير والشعور
العالي بالمسؤولية فباتت الأمور
التصريفية للأموال في محلها وتحقق أعلى تصويبا لها.
كانت سرية العمل أهم وسيلة ستتبعها الفرق في مناطق الحقل تجنبا لكشفها
أمام المعتدين وتلك وسيلة طالما أكد عليها صاحب الحقل وظل يردد على مسامع أبنائه:
السرية...السرية...نجاح عملكم في بدايته هو السرية الكاملة لنشاطكم.
كان صاحب الحقل يعرف جيدا أن بناء قوة موحدة مع غيره لأستعادة الحقل أمرا صعبا محفوف بالمخاطر
وانكشاف الأمر من قبل المعتدين، ولا يؤدي إلى المطلوب بل على العكس سيؤدي إلى وقوع
فرقته سريعا والتشظي، لذا ألزم فرقة بالمحافظة على هدوئها والاعتماد على نفسها في
جميع المجالات ولا تقوم بتكليف الغرباء
بأي أعمال حتى وأن كانت بسيطة.
سيعتمد أفراد الفريق على وسائط النقل العامة ولا تستخدم وسائل نقل خاصة
إلا للضرورة عند تنفيذ الواجبات وخلال الفترات التي تنعدم فيها وسائل النقل العامة.
كان صاحب العمل يهدف من توجيهه هذا ابعاد الشبهات عن الفريق واستراق
السمع من سائقي السيارات والمواطنين حول ما يقال عن الحقل بشكله اليومي.
أضافة الى كل ذلك فقد ألمح أعضاء الفريق إلى ضرورة الاستغناء عن شريحة
الاتصال في الهاتف المحمول وجهاز الهاتف نفسه عند الشعور بالخطر او أن استخدامها
قد يؤدي إلى كشف الأتصال نتيجة المراقبة إضافة إلى مسح الرسائل من الهاتف بعد الانتهاء من قراءتها. ومن وسائل
الاتصال الأخرى، قد يكون البريد الألكتروني مفيدا لكن يبقى ضمن نطاق محدود ويتم
مسح الرسالة بعد قرائتها أبضاً.
التحرك
الذكي....
ينطلق أعضاء الفرق كل الى قسمه من الحقل ملتزما بتوجيهات صاحبه
ومعتمدا الوسائل والأدوات التي تعرف عليها وسيبدأ التعرف على مواطن السخط ضد ما آل
اليه الحقل واختيار عناصر جديدة لا ترغب بشيء إلا لإستعادة الحقل والتخلص من آثار
الدمار الذي لحق به، لضمها إلى فرق استعادة الحقل وبالتالي زيادة قوتها في مجابهة
المعتدين.
ترك الماضي والأفكار المسمومة والعصبية هي من شروط ضم تلك العناصر ...
ورفع راية موحدة لا تقبل الا القبول بالآخر واحترام رأيه ومعتقده والشعور بالولاء المطلق بالمسؤولية
تجاه الحقل ومصيره...
على أن يكون الاختيار مدروسا من قبل أعضاء الفرق وأبداء الرأي في قبول
الأعضاء الجدد.
الثقافة العامة، والوعي الوطني، والخلق الرفيع، والتاريخ الشخصي هي
عناصر مهمة في تحديد هوية العنصر الجديد. سينبري لذلك أحد الأبناء الذين درسوا
علوم النفس والسلوك الإنساني ولا وجود للعاطفة لديه في أتخاذ القرارات المتعلقة
بضم العناصر الجديدة. كما كانت توجيهات صاحب الحقل، بان يعملوا على كسب التأييد من
أهل القرية والقرى البعيدة وحثهم لقبول فكرة إستعادة الحقل من المعتدين من خلال
العمل على الاندماج مع البسطاء من الناس والقيام توعيتهم بالحرية والتقدم.
بيد أن عدد آخر من الأبناء سيتوغل بين صفوف أعدائه والعمل معهم بكل
جرأة وأندفاع بحيث لا يبعث الشكوك في تصرفه، وذلك لمعرفة ما يخطط له أولئك ضد
الحقل وابنائه.
فأوصى صاحب الحقل هولاء الأبناء بالعمل بكل أخلاص وفضح ممارسة أعداء
الحقل وكشف ملفات الفساد لتعريتهم أمام أصحاب الحقل، وبالتالي كسب قلوب وولاء
الآخرين لهؤلاء الأبناء لما فيهم من شرفٍ للمهنة وحبٍ عظيمٍ للحقل وأهله.
أما بقية الأبناء الذين قضوا فترات طويلة في الخدمة العسكرية وعرفوا
أسرارها وخبروا المعرفة بإستخدام الأسلحة.
فكانت توجيهات صاحب الحقل لهم واضحة ومباشرة بإستخدامه القول المشهور:
"ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة"
سيبدأ الجميع استشراق خطط التحرك، ملتزمون بتوجيهات صاحب الحقل
ويبدأوا على بركة الله مشوار تحرير الحقل من أيدي المعتدين، ولا يوجد في نصب
أعينهم ألا استعادة الحقل وطرد كل الغرباء الذين خربوا زرعه وعاثوا فيه فسادا لا
يشابه فساد، لا في الأولين ولا في الآخرين.
المرسل
أحد أبناء الحقل
17/4/2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق