اللصوص
اتخذ
قرار مع شريكة حياته ان تعود العائلة إلى الوطن والعيش في بيت جميل كان قد انجزه
قبل احتلال وطنه بعام ونصف، لكن الأحداث العصيبة التي كانت تمر على
بلده جعلته يقرر ان يترك كل شيء وراءه قبل نشوب المعركة خوفا على عائلته من الحرب.
بعد نهاية المعارك وانجلاء دخان الأسلحة التي ضربت بغداد بشدة وبدت أسوارها
وأزقتها وطرقها أشبه بمشاهد مدن المانيا بعد الحرب العالمية الثانية.. كل شيء
مدمر.
مات
تحت الدمار الكثير من الناس الذين كان يعرفهم وخرجت من تحته وجوها لم
يألفها لكن كان يسمع عنها في الحكايات فقط تمثل أدوارا لشخصيات شريرة
تستهدف الناس بأقولها وافعالها وتقلق المضاجع.
لم يكن
يعرف ذلك الا بعد عودته مع عائلته إلى داره الجديد الذي أحتاج إلى الكثير من العمل
لتجهيزه بالأثاث و ليسكن فيه.. انجز كل شيء بوقت قياسي بعد أن جلب معه معظم اثاثه
معه فالأمور في بلده لا تساعد على ذلك خاصة بعد ان توقف كل شيء تقريبا بعد إنتهاء
المعارك وسقوط البلد بأكمله بأيدي الغرباء.
نزلت
العائلة الدار الجديدة الكبيرة نسبيا بالنسبة لعدد أفراد عائلته مما
ساعد على أستيعاب عائلة أخرى وهي عائلة شقيقة زوجته بشكل مؤقت، إذ كانت هذه
العائلة تنتظر الأنتهاء من أعمال الصيانة والترميمات لمنزلهم، فكان لا بد من وجود
حل مؤقت لهذه العائلة، فكان منزله.
في أحد
صباحات شهر ديسمبر من عام 2003 وبينما كان الجميع نيام بأستثاء عديله الذي كان
يستعد للذهاب إلى عمله، طرق جرس الباب وتقدم عديله إلى الباب الخارجي لمعرفة
القادم او القادمين، فإذا بمجموعة من الشباب تسأل عن صاحب البيت بإسمه
ويطلبون مقابلته بحجة انهم يحملون رسالة له من ابنه الذي لم يعد معهم إلى الوطن
بسبب دراسته..
كانت
الأوضاع في البلد مليئة بقصص الجريمة وتنوع اساليبها، وكان الجميع على جانب من
الحيطة والحذر من الوقوع في حبال الشراك التي يستخدمها اللصوص والمجرمين... وكان
عديله أحد هؤلاء وكان يتصرف بحذر خشية على عائلته من أولئك اللصوص.. أخبرهم عديله
بان صاحب البيت لا زال نائما وطلب منهم أن يعودوا في وقت واحد، لكن إلحاحهم حول
أخبار صاحب الدار بمضمون رسالة أبنه وتحججوا بصعوبة العودة مرة أخرى بسبب الأوضاع
الأمنية ..تقدم عديله وفتح الباب قليلا وطلب منهم الأنتظار لكن حتى أدار ظهره دفع
اللصوص الباب ووضع أحدهم سلاحه في رأس عديله ودفعه بقوة إلى داخل الدار متوجهين
إلى غرفة نوم صاحب البيت يرفع أثنان من اللصوص مسدساتهم بينما ظل ثالث ينتظر في
صالة البيت ليسرق ما تقع عليه يده.
أستيقظ
صاحب البيت وزوجته فزعين و قد وجه احد المسدسات في رأسه ويطلب ما يجمعا من نقود او
مصوغات ذهبية..فزعت زوجته وقدمت له قلادتها لتجعل من اللص أن يبعد عن زوجها الذي
لم يستوعب ما يجري فوق رأسه وفي بيته .. كان زوجها مريضا بالقلب وقد خرج من عملية
زرع دعامتين لتوسيع شرايين قلبه، ما جعلها تحاول ان تقف حائلا بينه وبين اللص الذي
قام بتهديد خطفه إذا لم ينفذ طلباته.
خضعت
لتهديده فقدمت قلادتها الذهبية وتوسلت ووعدته بتقديم أي شيء مما تملك لمنع خطفه،
لكن زوجها استعاد وعيه واخبر اللصوص بأنه لا يملك شيئا الآن وكل ما يملكه هو خارج
بلده وأدعى انهم ضيوف في بيت عديله.
ربما
كانت كلماته قد اصابت واقنعت اللصوص الذين شاهدوا عائلتين فعلا.....وأكد لهم ان ما
يملكه الآن يوجد في محفظة في جيب سترة له في خزانة الملابس.. اخرجتها
أخت زوجته وناولتها إلى أحد اللصين وسرق ما فيها..
يبدوا
ان الوقت مر سريعا على اللصوص، حيث أزدادت الحركة في الشارع وخرجت الناس إلى
أعمالهم مما أربك عمل اللصوص وطلب أحد اللصوص، ينتظر خارج البيت من المجموعة داخل
المنزل، بالخروج بسرعة قبل انكشاف أمرهم..مما زاد في سرعة أستجاب اللصوص لنداء
قائد المجموعة، سماع أصوات وحركة غير طبيعية من بقية أفراد العائلتين في الطابق
العلوي فقرت مجموعة اللصوص الخروج والاكتفاء مرغمين بما سرقوا.
خرج
جميع أفراد العائلتين الموجودين في المنزل بسلام دون أن يتعرض لها
أحد... كان ذلك أهم من كل شيء بالنسبة له ولعديله.
كانت
لهذه الحادثة انعطافة في حياته فبعد ان قال ضابط التحقيق له وهو
يبارك له الخروج سالما ، العصابات كثيرة ولا يمكن الكشف عنها في هذا الوقت..احتسب
الله..بعدما سمع ذلك من ضابط الشرطة قرر صاحب البيت وزوجته العودة إلى من حيث
أتيّا دون أن يرف لهم طرف ويتركوا كل شيء ورائهم كما فعلا قبل الحرب.
8/4/2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق