تلفزيون
منذ صغره يحب ان يكون مخرجا للأفلام
السينمائية وكذلك التمثيل وكل ما يتعلق بهذه المهنة من ادوات، كان يجمع أصدقائه في
حديقة عامة خارج منازلهم ويقوم بإعطاء أدوار تمثيلية لهم، لتأدية مشاهد قصة كان يقترحها
عليهم.
كانت حركات التمثيل بين الأشجار
والمنازل القريبة إلى الحديقة تثير سخط السكان لما فيها من ضوضاء وإزعاج يورق نوم ما
بعد الظهيرة لكثير من الأشخاص الذين يفضلون نوم القيلولة .. خاصة في الصيف.
اشتكى الناس منه ومن أصحابه لوالده أو والدته من الأزعاج الذي يتركه جراء
هذا النوع من الألعاب..نصحت والدته ان يشبع رغباته في التمثيل من خلال عمل او صنع
شيئا يقريه لهوايته.
عمل بنصيحة والدته وأخذ يفكر في شيء يغنيه
عن تذمر الناس من العابه... استنار برأي شقيقه الكبير والاستماع لنصيحته وهي البدأ بصناعة الأشياء بدلا من ضياع وقته في مثل
هذه الألعاب...استهوته النصيحة وجد فيها فكرة
قد تقوده فعلا لصناعة شيء يحبه وهو
التلفزيون... أخبر شقيقه أنه سيصنع تلفزيونا..أندهش لهذا التحدي الذي أطلقه شقيقه
الصغير...سأل والده أن يحضر له قطع من الخشب و علبة صبغ لكي يصنع تلفزيونه...قام
بكل شيء ، ولكي يقترب أكثر من حجم
التلفزيون الذي يريد أن يصنعه، قام بأخذ قياسات أبعاد تلفزيون البيت لتطبيقها على
تلفزيونه.
قام بقطع الخشب بالأطوال والقياسات
التي أخذها عن تلفزيون البيت وعمل بموجبها قطع تلفزيونه الخشبي...كان أصعب جزء
واجهه هو الحفر على قطعة خشبية لعمل شاشة التلفزيون بشكلها البيضوي..نجح في كل شي
معتمدا على نفسه حتى انتهى من صناعة هيكل تلفزيونه..طلب من والده قطعة من الزجاج
الشفاف لتكوين شاشة التلفزيون ..جلبها له بالقياس الذي طلبه وقام بتركيبها بعد ان
صبغ التلفزيون بلون أحمر .. وضع قطعتين من
الأنابيب البلاستيكية المجوفة واحدها في الجزء العلوي والاخرى في الجهة المقابلة
الى الأسفل داخل ثقوب صنعها لهذا الغرض على جانبي الصندوق تنتهي بقطع على شكل بكرات
مشابهة لتلك الموجودة في التلفزيون الحقيقي، تمكنه من لف الأنابيب حول نفسها.
طلب من والدته ان تعطيه عدد من
المجلات القديمة لقص صورها وعمل شريط منها باعتبارها افلام او برامج تلفزيونية..وبعد
ان جمع ما يكفيه أوصل بعضها ببعض بشريط لاصق ليكون اشبه بشريط سينمائي وقام بتركيب
بدايته على الانبوب العلوي ونهايته على انبوب الجهة الثانية وبدأ بلفها لتكون
برنامجا تلفزيونيا يعرضه على أصدقائه.
أصبح كل شيء جاهز ليدعو أصدقائه
لمشاهدة ما صنع وما يعرض لهم... كان مكان العرض في حديقة بيت اهله بعيدا عن
المتذمرين من ألعابه الصبيانية.
كان متابعا جيدا للتلفزيون لذلك بدأ
تلفزيونه بعرض صورة لشعار الدولة وتنتقل بكرته بعدها الى صورة لشيخ يقرا القرآن
قبل أن يتحول إلى صورا أخرى اقتطعت من مجلة للأطفال لتكون كأفلام الكارتون عنده...يستمر شريط تلفزيونه يعرض
نشرة الأخبار ومسلسلات وفلما حتى يختم بشعار الدولة.
كان فرحا بما صنع وكان سعيدا لرؤية اصدقائه سعيدين بعمله...لكن رغم ذلك
لم يقتنع كثيرا بانجازه لخلو تلفزيونه من صوت يصاحب نقل الصور واقترح على شقيقه ان
يعيره مسجل الصوت خاصته ليسجل على بكرة الشريط صوتا للسلام الوطني وآخر للقرآن ثم
حوار لفيلم كارتوني ونشرة اخبار وفلم للسهرة وجميعها سجلها له شقيقه فأصبح المسجل
جاهزا ووضعه داخل صندوقه وبدا بتشغيله مصاحبا الصور.. لم يدم ذلك طويلا فقد أسترد
شقيقه المسجل منه وظل محشوا بشريط من صور المجلات فقط التي مل من تغييرها بين فترة
واخرى مع ابتعاد أصدقائه عن متابعة تلفزيونه..قرر أن يقوم بإعطائه الى صديق له على
سبيل الهدية...
في أحد الأيام ذهب بصحبة أصدقاء له
إلى مكان قريب من منحدر صخري يؤدي الى نهر يمر في المدينة، تفاجأ بوجود تلفزيونه مرميا
من المنحدر وسقط قريبا من النهر..استفسر من صديقه عن وجود تلفزيونه مرميا بهذه
الطريقة، جاءه الجواب صاعقا بان والده قد رماه عندما تشاجر مع شقيق له رغب في اخذه
منه .. ضحك لذلك و شعر بقيمة ما صنع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق