بحث هذه المدونة الإلكترونية

4/05/2020

قصة قصيرة روما

روما

عرفها اول مرة في عام 1984 بعد زيارة عمل حكومي قام بها مع مجموعة من زملاء له في نفس المهنة لم يعرفهم من قبل بل كانت تلك الزيارة سببا في التعرف عليهم.
كانت روما بالنسبة له ثاني مدينة أوروبية يزورها بعد لندن، كان يسمع عنها انها بلاد روميو وجوليت ومدينة الحضارة الغربية والإمبراطورية الرومانية وفي نفس الوقت بلد المودا ورياضة كرة القدم.
كان متشوقا في الوصول إليها و رؤية عالم ساحر وجميل وما ان حطت الطائرة في مطار فيوميتشينو بروما خارج المدينة حتى بدأت الأنظار متلهفة تبصر ما حولها من مكان وأناس عرف طباعهم خلال مشاركته  في أعمال تنفذها شركات ايطالية..
انطلقت بهم سيارة الشركة التي حمل سائقها لوحة من الكارتون كتبت أسم أحدهم  للتعرف على المجموعة في فناء قاعة الأستقبال، وتوجهت بهم إلى النزل الذي خصص للمجموعة لقضاء فترة المهمة.
مرت السيارة وهي في طريقها إلى الفندق أو الموتيل الذي يقع في أطراف روما بمسافة 30 كيلومتر مخترقة شوارعها وساحاتها العامة التي ازدانت بالأبنية التاريخية وجعلت من روما متحفا كبيرا يرتاده الناس القادمين من أنحاء العالم.
كان الجميع متشوقا لرؤية الميدان الروماني والسلالم الإسبانية ونافورة تريفي ومتاحف الفاتيكان و الكولوسيوم وغيرها من آثار روما العظيمة.
وصلت السيارة إلى الفندق وكانت الغرف محجوزة مسبقا لأعضاء المجموعة ... أخذوا قسطا من الراحة بعد عناء سفر طويل ليبدأ مشوار جميل كان أغلبه أثناء عُطل نهاية الأسبوع، فكانت روما والفاتيكان أول الاهتمامات.
كانت نافورة فونتانا دي تريفي التي تقع في قلب روما اول معلم تمت زيارته.. في وسط النافورة كان هناك تمثال لشخصية رومانية تسمى نبتون يقف على عربة يجرها حصانان وتحيط بها عذراوات ثلاث، وكان الناس من أمامه يرمون الى قاع بركة الماء بعملات معدنية بمعتقد ايطالي  يقول بان من يرمي نقودا في قاع البركة يعود إلى روما مرة أخرى... رمى الجميع ما بجيبه من عملات معدنية على امل العودة ثانية إلى روما حتى لم يعد بالإمكان شراء البيتزا الشهية من مكان مجاور .. لقد صدق الاعتقاد الإيطالي حين عاد بعضهم إلى روما في أوقات أخرى. 
خرج مع اصحابه في عطلة نهاية الأسبوع الى مدينة نابولي..مدينة ليست كغيرها من المدن الإيطالية فهي مدينة متمردة على القوانين، متناقضة في كل ركن فيها..هذه المدينة الإغريقية التي عاش فيها كارافاجيو بعد ان هرب من روما ، وترك فيها ثروة وإرثًا خالدًا. منها واحدة من أكثر رسوماته شهرة.
كان يسير مع صاحبه في ساحة "أربع نجوم": حيث تقف العمارة الباروكية وعمارة العصور الوسطى والعمارة الحديثة جنبًا إلى جنب..خرجت سيارة من وسط الشارع يقودها أحد المحتالين الذين يحاولون النصب و الاحتيال على السائحين وأدعى أنه أمريكي وقد سرقت سيارته وهو يريد العودة لبلده لذا فانه مضطر لبيع ساعته اليدوية من نوع رولكس والتي تساوي الاف الدولارات لكي يتمكن من اللحاق بالطائرة..
كانا يعرفان جيدا انه ليس أمريكي بسبب لغته التي امتزجت بلكنة إيطالية، وكان يعرفان ايضا ان قصته مختلقة، لكن رغم ذلك أصر أحدهما ان يشتري الساعة لجمالها حيث كانت مقلدة بشكل كبير لنسختها الاصلية..كان لونها الذهبي عامل جذب لعينه فقرر شرائها منه وهو يعرف بزيفها. 
أراد الجميع أن لا يتركوا روما دون مشاهدة مباراة لكرة القدم في ملعب روما الأولمبي الجميل الذي يقع في شمال غرب المدينة..كانت مشاهدة الجمهور الذي حضر المباراة أكثر اهتماما للمجموعة من المباراة نفسها....رفعت الشماسي فوق الرؤوس وهتفت الحناجر باغاني تشجيع وطغت ألوان الفريقين على ملابس الجمهور..

مرت شهرين على وجودهم في روما انقضت، كلمح البصر وتمنى  البعض منهم ان يطيل البقاء لكن مهمة العمل أوشكت على الانتهاء ولا بد من الرجوع إلى الوطن. جمعت الحقائب وتم وضعها في صالة الاستقبال في انتظار السيارة لتقلهم الى المطار.. قرر أحدهم البقاء وعدم العودة لكن زملائه اقنعوه بالعودة وقبل منهم ذلك لكن على مضض وظل طوال رحلة العودة عابس الوجه، لا يتكلم الا عند قدوم المضيفة وظل زملائه يحاولون استجداء ابتسامة منه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق