أمام الوزير
طلب من المختصين في مجالات الاتصالات
في شركته الحضور إلى مكتب وزير النقل والمواصلات لمناقشة السبل الكفيلة بإعادة نظم
الاتصال بين بغداد والمناطق الجنوبية والتي تعرضت إلى قصف عنيف من طائرات أمريكية
عام 1997 بأمر من الرئيس الأمريكي آنذاك (بل كلينتون)... أدى القصف إلى قطع
الاتصالات ومنها العسكرية المهمة التي كانت عصبا مهما لتبادل المعلومات بين
القيادة في بغداد والقوات العسكرية في جنوب العراق..نالت الضربات الجوية من مركز
الاتصالات في ناحية القاسم والتي اشتق اسمها من وجود مرقد الإمام القاسم بن الإمام
جعفر الصادق فيها ، وهي تقع جنوب محافظة بابل وتابعة لها..
كان زميله قد أعترض عند مدير عام
شركته على تكليف الشركة باعمال صيانة تلك القابلوات التي استهدفتها الطائرات
الامريكية بسبب قلة الخبرة لدى كوادر الشركة المختصة أصلا باعمال مشاريع خاصة
للنفط والغاز حينها شعر المدير العام بحراجة الموقف وتسائل : يعني تورطنا..! في
اشارة إلى قبوله لموضوع لا يمكن تنفيذه من قبل كوادر شركته في اوقات قياسية سريعة.
لكن الوقت قد فات على الاعتذار فحضر
مع زميله بوجود المدير العام لشركته إلى كرفان قريب من وزارة النقل والمواصلات
يبعد مسافة زادت عن مئتين متر من مدخل الوزارة..ربما اراد الوزير
ورجاله من تواجده في هذا الكرفان أن يتخذ الحيطة والحذر تجنبا للقصف
المباشر الأمريكي لمبنى الوزارة.
دخل مع مديره وزميله بدون أستئذان إلى
داخل الكرفان الذي بدأ عليه كأنه غرفة للحرس وما زاد من تمويهه عدم وجود أحد يقف
خارجه... كان الوزير يتوسط المكان ومن حوله رجال يتبعونه وربما كان منهم مديرا
عاما او استشاريا او أي مهندسا كبيرا مختصا.. يجلس على كرسي من الجلد وأمام مكتب
متواضع وضعت عليه بعض الأوراق وهاتف جانبي.. جلس مع بقية زملائه على كراسي وضعت
أمام مكتب الوزير وكان المدير العام الذي بادر بتقديم مهندسيه للحاضرين
للتعرف عليهما، أقرب مجلسا إلى الوزير من موظفيه...
ومن دون أنتظار وجه الوزير سؤالا
مباشرا إلى المدير العام يطلب منه الاجابة على امكانية توفير خدمة اتصالات تابعة
للوزارة الذي يعمل فيها، وبدا النقاش الفني مع الجميع فقد كان الوزير مختصا في هذا
الموضوع ولا مجال للمناورة من قبل بقية الحاضرين.
لم يبادر على الرد على سؤال الوزير
قبل ان يتحول مديره إليه ويطلب منه الإجابة على سؤال الوزير... أنتظر ان يسمع من
الجميع آرائهم حول كيفية الوصول إلى حل سريع وسمع من زميله رايا حول إمكانية
استغلال بعض خطوط الاتصالات التابع لملكية وزارته لكن قد تحتاج وقتا ليس بالقليل
في تنفيذ العمل.
أنتظر قليلا بعد أن تأكد أن الجميع قد
وصل لقناعة بوجود حاجة إلى زمن طويل لإعارة بعض خطوط للاتصالات إلى وزارة النقل
والمواصلات، قبل أن تطرأ على أفكاره حلا سريعا لكنه ليس متأكدا من أمكانية وجوده
وخاصة أنه يتعلق بشبكات اتصال تابع لوزارة النقل والمواصلات.
كانت الزمن الذي تعيشه مؤسسات الدولة
عصيبا عليها، ولا يختلف كثيرا عن حالة الناس، فقد وقع الجميع تحت سطوة الحصار التي
عاشها البلد في تلك الفترة...ضرب أوصاله وأصبح تعويض الأشياء المستهلكة في أنظمته
التقنية بالغة الصعوبة، وأصبحت البدائل التي يقدمها المهندسين والفنيين مجرد حلول
وقتية غير كافية... لذا كانت الأفكار التي كان يطرحها المهندسين اختيارا
مفروضا ليس له بديل... وكان ينظر لصاحبها بمنظار البطل الذي ساعد في
تجاوز مشكلة فنية ما.
بعد أن أخذ رأيه في ذلك الموضوع، طرح
فكرته امام الوزير ونصح باستخدام منظومة اتصالات تستخدمها شركة السكك
وهي أحدى مؤسسات وزارة النقل والمواصلات، واستخدامها في السيطرة على سير القطارات
الذاهبة إلى البصرة والعائدة منها، وذكّر الجميع بان ناحية القاسم هي إحدى محطات
القطارات وبالامكان تمرير خطوط الاتصال من قابلو السكك إلى محطة الاتصال المدمرة
في ناحية القاسم منوها للوزير فيما اذا كانت تلك الاتصالات لا زالت عاملة بعد أن
شابت حركة القطارات الكثير من المشاكل الفنية.
وبعد أن أنهى طرح فكرته سأل الوزير
رجال من حوله فيما إذا كانت منظومة اتصالات السكك الحديد عاملة او لا فرد عليه
أحدهم بعدم التأكيد لصلاحية تلك المنظومة فطلب الوزير أن يتصل بمدير العام في سكك
الحديد لمعرفة جاهزية منظومته من عدمها، وأكد مدير عامها بصلاحية
الكابل وبالامكان استخدامه في حل مشكلة وزارة النقل والمواصلات.
تنفس الجميع الصعداء وقدم الوزير شكره
له مع انتقاد وجهه لرجاله بعدم معرفة منظومات وزارته بشكل أفضل بينما عرف مهندس من
خارج وزارته بذلك.
نال مديح المدير العام امام موظفيه
وشعر بالفخر أمام زملائه ومسؤوله المباشر.
أتصل مدير عام كبير في وزارة العمل
والاتصالات يعمل بصورة مباشرة على تأمين الخطوط لشبكات بغداد في جانب الكرخ، مع
مديره العام وطلب منه أن يحضر مهندسه إلى مبنى يقع فيه مكتب ذلك المدير واستفسر عن
السبب فأخبره بأن الأمر لا يتعدى الا مناقشة فنية.
ذهب إلى مبنى الأتصالات في الكرخ وقدم
نفسه إلى سكرتير مديرها حتى دخل فورا لمقابلة الرجل..رحب به، واثنى عليه مقابل
فكرته في ايجاد الحل لمشكلة الاتصالات ونقل له مديح الوزير، فرح لذلك، لكن كان غير
مطمئن لما سيأتي من القول! وبالفعل صدق حدسه عندما عرض عليه العمل في دائرته
وبامكان وزارته إجراء عملية النقل وذلك بطلب من وزير النقل والمواصلات .. لم يرفض
لكنه طلب أن يشاور مديره العام بذلك.
كان الحصول على خط الهاتف في منزل
أشبه بجائزة كبرى في يانصيب خيري.. وهو كغيره من الكثير من الناس لا يملك خط هاتف
في منزله، ولطالما حاول ذلك لكن دون جدوى. شعر ان الفرصة قد حانت للحصول على خط
الهاتف المنزلي، فطلب على الفور من المدير العام تجهيز بيته بخط الهاتف
ووافق بعد إجراء الكشف عن موقع بيته.
لم يوافق وزيره ولا مديره على نقله
إلى دائرة اخرى، ورغم ذلك وصل خط هاتفه إلى منزله بعد عناء وبعد أن عرف
عمال توصيل الخط بقصة بطولته أمام الوزير.
9/4/2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق