بحث هذه المدونة الإلكترونية

3/27/2020

قصة قصيرة...سر طفولي


سِرْ طُفولي


عرفت مدينته دخول الكهرباء المستمرة (دي سي ) ضمن حملة أطلقت الحكومة عليها "مجلس الأعمار" انطلقت في عام  1956.. وعند وصول الكهرباء لمنازل المدينة أصبحت حديث الناس في المناطق المجاورة التي لم تصل إليها الكهرباء وأنطلق الشعراء يتغنون بانجازات الحكومة وإطلاق المديح لسياسي الحكومة لأهتمامهم بالمدينة التاريخية..وأصبح البعض يكتب أبيات من الشعر في هذه المناسبة وقد أخبره عمه الشاعر يوما عن رجل تغنى بوصول الكهرباء والماء إلى مدينة "سامراء" بشكل طريف وجميل لا يراعي فيها قوانين عروض الشعر والقوافي:
الماء يجري في البواري مسرعا  
والكهرباء تقمبز في الأسلاكِ
سامراء ويحاكِ ..ويحاكِ
كان أحد أيام حزيران من عام 1965 موعدا استبدال الطاقة الكهربائية بالطاقة المتناوبة (أي سي) ..كانت الأبراج العالية تمر من أمام بيته والجميع يترقب انجاز المشروع لإنهاء معاناة السكان بقطع الطاقة كل ليلة عند الساعة التاسعة مساءا وكأن شركة الكهرباء تقول للناس قد حان موعد النوم...
تبعثرت بقايا وقطع حديدية هنا وهناك تركها عمال الكهرباء دون رفعها وبانتظار رجال خدمة آخرين يرفعون مخلفات العمل..كان صغيرا ومعه مجموعة من الأصدقاء في عمره يتسلوا بمخلفات ما يتركه عمال الكهرباء من مواد حديدة ..فيقوم أحد أصدقائه بعمل سيارة حديدية والآخر عربة (ربل) والآخر يعمل من حلقات حديدية عجلة يدفعها.....لم يكن هو من هؤلاء لكن كان له ولعا آخر في رمي الحلقات الجديدة بحركات حلزونية لولبية وإعادتها إلى نفس النقطة وهي مشابه لرمي الصحون البلاستيكية التي يلهو به شباب اليوم...كان تنفيذها صعب للغاية فقد تصيب بالخطأ أحدهم وتؤدي إلى جرحه ويترتب عليها مطاردة بين نمر جريح و شادن يحاول التخلص منه... تلقى تحدي من صديق له برمي القرص الحديدي وهو عبارة عن قطعة مجوفة (رنك)، إلى الأعلى لمعرفة أبعد مدى..نازل صديقه فبدا الأخير برمي قرصه ثم يأتي دوره .. كانت اسلاك الضغط العالي العالي مقياس الارتفاع الذي يصل إليه القرص لعلوها.... لم يكن أحد منهما يعرف ماذا يحصل لو ان القرص ضرب أسلاك الكهرباء وتوقعا بعدم حدوث شيء خاصة أن الكهرباء الجديدة لا زالت لم تصل المنازل..رمى القرص إلى الأعلى وانطلق بإتجاه الأسلاك وإذا بالكارثة قد حلت فوق الرؤوس ...فبعد ملامسة القرص للأسلاك، انطلقت جمر النار وسماع صوت رهيب كأنه صوت قذيفة رجت الأرجاء..
انطلقت السيقان تسابق الريح قبل كشف أمرهما ودخل كل منهما بيته القريب ليرى عن بعد ماذا سيحدث...لم يحضر أحد ولم يحدث شي واتفقا أن يكون الموضوع سرا بينهما ... عرف تفسير ما حصل بعد تخرجه من قسم الهندسة الكهربائية إذ كان مجرد تماس لكنه غير اعتيادي.....

 26/2/2020 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق