بحث هذه المدونة الإلكترونية

3/27/2020

قصة قصيرة ..اشواك باردة


أشواك باردة..

كان والده كثير التنقل بين المدن بسبب وظيفته التي تتطلب ذلك، وفي أحيان كثيرة يأخذ عائلته معه وفي أحيان أخرى لا تصاحبه عائلته لاسباب تتعلق بالمكان أو المستوى الاجتماعي للمدينة  وهو الذي منح عائلته كل الاهتمام واهتم بتفاصيل وان تكن صغيرة من أجل أن تعيش عائلته بالمستوى المطلوب..
كان صغيرا حين وصل مدينة جديدة عليه رغم أنها كانت مدينة قبيلته التي انتقل إليها مع أهله وليمسك والده بوظيفته هناك كمسؤول عن حماية أنابيب لنقل النفط من الجنوب الى الشمال أو بالعكس تمر من أطراف المدينة.. اختلف المكان عليه واختلفت أشيائه التي اعتاد رؤيتها في مدينة بغداد واختلفت الوجوه واختلف الكلام واختلفت العادات..كل شيء كان مختلفا..
تعرف على وجوه جديدة أصبحت قريبة إلى قلبه..قضى أيام صباه هناك وعاش بعيدا عن أحداث دموية ومشاكل سياسية جرت في بغداد ولم يشعر كما شعر الآخرين بسقوط فلسطين بأيدي اليهود .. لم يشعر بشيء إلا بحياة طفولته وصباه وأصدقائه ومدرسته... وجلوسه في مكتب والده أيام الصيف الحارة المبرد بصب الماء على الأشواك (العاكول) بين الحين والآخر ليتسلل  من خلاله هواء خفيف البرودة إلى داخل غرفة مكتب والده .. كان والده ينادي على أحد رجال الشرطة ليقوم بعملية صب الماي على حزمة الشوك: " خلف..صب الماء على العاكول" هكذا كان والده يطلب من الشرطي خلف من عمل.. 
رغم عمره الصغير، كان يدرك حساسية المكان الذي يجلس فيه فكان يحافظ على هدوئه  يقرأ ما يلقي اليه والده من مجلات ذات مواضيع لا تعنيه، لكن تلك كانت رغبة والده أن يبقيه على هدوئه...لكن ذلك لم يدوم بالنسبة لصبي كثير الحركة خارج منزله وبين اصدقائه فطلب من والده طلبا غريبا عندما سأله أن يسمح له بصب الماء على الشوك بدل من الشرطي.. كان والده يحب ان يجعل منه ومن إخوانه رجالا يعتمدوا على أنفسهم فيما رأى في الطلب وسيلة أخرى لتحقيق ذلك...كان يقفز من أمام والده كل  ما طلب والده أن يخرج من الغرفة لصب الماء على حزمة الشواك المثبتة على شباك مكتب والده..
عاد إلى البيت وسألته والدته عما إذا تسلى مع والده فرد عليها: " أكيد خاصة أني أصبحت شرطيا عند ابي وظيفتي مثل وظيفة الشرطي خلف أصب الماء على العاكول "...  

17/3/2020
مبرده بل عاكول | Outdoor, Outdoor structures, Beautiful



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق