بحث هذه المدونة الإلكترونية

2/29/2020

قصة قصيرة شعوبية



قصة قصيرة
سعد عبد القادر ماهر

شعوبية
كان يعرفهم أكثر من غيرهم، درس أحوالهم، حدد أتجاهاتم الأربعة، تنبأ بنواياهم، قرأ عن أفكارهم، وعرف كيف ولماذا كرهوه شخصيا ووقع الكثير منهم في حب رجال الشاهنامة بشكل أكبر من أبناء جلدتهم، لذا قرر أبعاد هؤلاء عنه وعن عائلته وطلب من رجال سلطته أن يدفعوا بهم خارج الحدود، لمنع الأفكار المسمومة التي كانوا يحملونها وتزرع حقدا دفينا بين الناس، كان قد بدأه أحد مرجانات رجال الشاهنامة قبل مئات السنين وذلك عندما طعن سيده وسيد كثير من الناس بطعنة غادرة. مجدوا طعنته واحتفلوا بها و جعلوا لها عيدا يحتفلون به كل عام.
تيقنت عائلته برجاحة عقله وصحة توقعاته بعد أن غادرها منذ زمن وحين عادوا المبعدون من وراء التلال ينشرون الموت والخراب والفساد بين العباد واحتفلوا بنشوة النصر بضرب الوجوه والصدور وزيارة المرجان في قبره وتقديم ولاءات الطاعة لرجال الشاهنامة الآخرين.
أكتشف الناس أخطائهم لكن بعد فوات الآوان وردد واحد منهم: إنه زمن الشعوبية يا سيدي...


مقال لكل زمان الحديقة الهولندية

مقال لكل زمان..
مقال قديم قبل ولادة الفيسبوك
سعد عبد القادر ماهر


الحديقة الهولندية

إن خلق المتعة والبحث عن وسائل للتخلص من الضغوط النفسية هو أمر شائع في حياة الإنسان، ويمكن أن يأتي ذلك من خلال إيجاد أفكار أو هواجس وتحويلها إلى واقع ملموس يمكن تنفيذه. ومن الأمثلة على ذلك ما تم تحقيقه في هولندا من خلال إنشاء حدائق كبيرة مصممة بشكل جميل تحتوي على مجموعة متنوعة من النباتات والورود الجميلة، بهدف مساعدة الأفراد على التخلص من ضغوط الحياة اليومية.

تقوم إدارة هذه الحدائق بتنظيم وتنظيم الزيارات لضمان سلامة وسلامة جميع الزوار. فعند دخول الفرد إلى الحديقة، يتم توجيهه بوجود لافتات تنبيه تشير إلى ضرورة الالتزام بالقواعد والتصرف بشكل مسؤول داخل الحديقة.

تعتمد فكرة هذه الحدائق على السماح للأفراد بالتحدث مع أنفسهم والتفكير في القضايا الشخصية أو المهنية التي قد تسبب لهم الضغط النفسي. وبدلاً من الشعور بالعزلة، يمكن للأفراد التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بحرية داخل هذا البيئة الطبيعية المريحة.

بهذه الطريقة، يمكن للأفراد تخفيف الضغوط النفسية والعثور على السلام الداخلي، مما يسهم في تحسين جودة حياتهم وزيادة استقرارهم النفسي.

وتعتبر هذه الحدائق مثالاً رائعاً على كيفية استخدام الطبيعة والبيئة المحيطة لتعزيز الصحة النفسية والعافية العامة للأفراد.. وتوفير مساحة آمنة لهؤلاء الأفراد للتفكير والتحدث مع أنفسهم والتعبير عن مشاعرهم بحرية.

فمثلا الموظف الذي تعرض للإهانة في العمل يستخدم الحديقة كوسيلة لمواجهة المدير الذي أهانه، حيث يجادل معه بطريقة ذاتية ليسترد حقوقه ويشعر بالرضا. بينما يأتي آخرون إلى الحديقة لتفريغ غضبهم وتعبيرهم عن الاستياء بسبب مواقف سلبية تعرضوا لها في حياتهم اليومية.

لكن بينما يعتبر بعض الناس استخدام الحديقة كطريقة مفيدة للتخلص من الضغوط النفسية والصراعات الشخصية، يرى آخرون أن هذا السلوك يمكن أن يبدو غير عادي أو غير صحي إذا لم يكن متوازناً.

من المهم أن ندرك أن الحديقة ليست حلا وحيداً للتعامل مع الضغوط النفسية والصراعات الشخصية. قد تكون الحديقة مفيدة كوسيلة للتفكير والتأمل، ولكنها لا تغني عن الاستشارة النفسية المهنية إذا كانت المشاعر السلبية تستمر أو تؤثر بشكل كبير على حياة الفرد.

بشكل عام، يمكن أن تكون الحدائق وسيلة مفيدة للتخلص من الضغوط النفسية، لكن من الضروري أن يتم استخدامها بشكل متوازن ومعقول وأن يكون هناك توازن بين الاسترخاء في الحديقة والتعامل بشكل فعال مع المشاكل الشخصية والعلاقات الصعبة.
21/9/1992


قصة قصيرة شاطىء الذكريات



قصة قصيرة
مهداة إلى صديقي الغالي عبد الرزاق عطا عبد الرزاق

شاطىء الذكريات
سعد عبد القادر ماهر

جلس قريبا من ساحل الشاطىء يستعرض شريط ذكرياته التي ظلت عالقة في مخيلته وأصبحت جزءا من شخصيته، يشاركها أحيانا مع أهله وأصدقائه..يضحك لها أو حتى تدمع عيناه مجرد أن يلمح صورا لم يبقى منها الا خطوط سوداء وبيضاء ترسم في عقله صورا غير واضحة لوجوه كان يعتقد بصعوبة نسيانها..راجع معها أحاديث وحكايات لم تكتمل نهايتها .. فأحزن ذلك وبعد أن استجمع ذكرياته قفزت ذكريات دراسته الجامعية واصدقاء عمره فيها...تذكر أحدى الرحلات الربيعية مع أصدقائه إلى أقصى الجنوب...تذكر ما كان يحصل فيها من مواقف جميلة كجمال أهل المدينة، وطالما ما أتخذت بعض أحداثها من أحدنا وسطا للسخرية الجميلة.. كل شيء كان جميلا قبل الحروب وقبل مجيء الغزاة ..تنبأ ابي قبل موته بنهاية الأوقات السعيدة وحدثنا عن الأهوال التي سنعيشها بعد موته..نعم قد صدق أبي بتنبؤاته..
مرت باخرة من ناظره وحدثته الصورة عن أيام زيارته لميناء جميل مليء بالسفن، جاءت من كل مكان وشغلت ساحل الشط الكبير، يطل عليه تمثال من البرونز لشاعر كبير..شاءت الأقدار ان يعمل هناك بعد سنين وتشابكت الذكريات بين الأمس القريب والأمس الأبعد وعلت وجوه الرفاق أمام مخيلته ... مات أحدهم وغاب آخر ولم يعرف عنه شيء لكني بقيت أتواصل مع صديق، أصبح بعدها أخاً آخر لي... نراجع صور الرحلة و نحكي حكايات الماضي الجميل.




قصة قصيرة زهرة الزنبق




قصة قصيرة
سعد عبد القادر ماهر

زهرة الزنبق
جذبه شكلها الجميل..كانت حركتها تتلاعب بعقله قبل قلبه، تميل يمينا ويسارا فتأخذ منه مأخذا ..فلم يستطيع الأقتراب منها كثيرا، كان مترددا أن يمسك بها خوفا في ما سمع عنها، فقد تحوي سماً يؤدي به إلى الهلاك رغم جمالها الآخاذ، هكذا هي بعض زهور الزنبق .... وهكذا عرف من أحد زملائه في الدراسة حين أخبره بأنها تسبب أوجاعا في القلب والرأس إذا ما حاول قطفها.. سمع عنها بعض الحكايات أشبه بالخيال.. مثل الذي حاول التقرب منها ولمسها فأفرزت رحيقا غريبا تختلط فيه انواع الروائح منها الجميل ومنها غير ذلك فحرقت يده فسحبها إلى صدره متألما وأبعد ناظره عنها وحاول آخر وآخر فوجدوا الشيء نفسه... حتى جئت أنا أجرب حظي وأحاول الوصول إليها.. لكن ابي كان سببا في ابعادي عنها وسحبتني ظروف مرضه واوضاعه المادية البسيطة إليها فلم أعد قادرا على المجازفة لكن كنت أظن أني أستطيع رغم ذلك فاكتشفت أنها لا تميزني عن الآخرين، فابتعدت بهدوء...وركنت إلى زهرة زنبق جميلة تناسبني.


قصة قصيرة رينو


قصة قصيرة
سعد عبد القادر ماهر

إهداء للصديق العزيز علي الحمداني
رينو
لم تكن سيارة الرينو كبقية السيارات بالنسبة لي، بالرغم أني لم امتلكها لكن كانت كأنها لي، فقد سمح لي صاحبها أن تكون جزءا من ذكرياتي.. كان سيارة صديقي الصغيرة، كبيرة في مشوارها خلال السنين الثمانية من الحرب فهي التي صالت وجالت لتنقل هذا وتهرع لنجدة آخر لنقله إلى المستشفى وتستقبل مسافر.. كان المذياع ومشغل الكاسيت فيها له نكهة جميلة بالنسبة لأربعة شباب أو ثلاثة أو حتى أنا وصاحبي فقط، حين تتحرك بأتجاه أحد النوادي لقضاء سهرة جميلة، فكان لصوت الغناء العاطفي نجاة الصغيرة او أم كلثوم يضرب بشدة أحساس قلوبنا قبل مسامعنا وكان يزيد من إحساسنا بالاستمتاع بتلك السهرة بشكل أكبر رغم الحرب...وهذا ما كنت افعله بعد عودتي من وحدتي العسكرية التي كنت قد استدعيت إليها بعد اندلاع حرب ضروس ..لم تستطع الحرب الوقوف ضد رغباتي في قضاء أوقات جميلة بصحبة صاحبي ورفاق آخرين، وكانت سيارته وسيلة وسبب كبيرين في قضاء وقت طويل قبل الرجوع إلى البيت بعد منتصف الليل..
لم تقف ذكرياتي مع سيارة رينو عند هذا الحد، بل كنت ورفيقي نردد كلمات نزار قباني بصوت نجاة ونحن في طريقنا لرؤية أماكن تسكنها أحبة لنا ..

متى ستعرف كم أهواك يا رجلا أبيع من أجله الدنيـــا وما فيها
يا من تحديت في حبي له مدنا بحالها وسأمضي في تحديها
لو تطلب البحر في عينيك أسكبه أو تطلب الشمس في كفيك ارميها

وظلت الحكاية مضيئة لماعة تضيء درب لقاءاتنا وتنشر دموعا تفرزها الأنوف..


قصة قصيرة ذكريات بعيدة

قصة قصيرة
إلى صديقي العزيز ليث السامرائي


ذكريات بعيدة
كان مولعا بمشاهدة أفلام سينمائية تعرض في سينما تقع في حي مليء بالدور السكنية والمحلات وتواجد عربات الباعة و الدكاكين حول دار السينما.. ..كنا نشتري ما طابت له النفوس من تسالي نأتي عليها أثناء الإعلانات وقبل عرض الفيلم ...كانت تعرض افلامها كل ثلاثة او اربعة ايام حتى تستبدله بآخر...وكانت ملهاة لأهلها، تبعث سعادة في نفوس الأهالي... تكتب تأريخ كل من عاش بجوارها ..كان صاحبي بعيد عنها لكنه كبقية أهل الحي لا يغيب عن عرض فيلم جديد، وكنت له رفيقا في هذا... كنا نراجع بعض المشاهد و نعطي رأيا بهذا المشهد أو بأداء أبطال الفيلم بعد الخروج من صالة السينما..كنا نحكي لرفاق آخرين عن مواقف طريفة قام بها بعض المشاهدين واستنكروا ما قام به رجل وقف وراء جهاز العرض بحذف مشهدا مؤثرا جدا في أحاسيس شباب في اعمارنا!! ليبدا إطلاق الشتائم على الرجل ووصفه بصفات طريفة كان يتقبلها برحابة صدر!!. كان ولع صاحبي بمشاهدة الأفلام وحبه للمسرح كبير، شغله الشاغل لتحقيق حلمه أن يشارك يوما في التمثيل على المسرح ..

حصل على دور في مشهد على مسرح ، ودعانا لحضور أول دور له يقوم به بصحبة عدد من الهواة...كان ريع المسرحية خيريا تذهب أمواله لمنفعة قضية شغلت الدنيا ولا زالت تشغله، لكني لم أدفع فلسا كوني أحد أصدقاء بطل المسرحية!! أنتظرت البطل أن يخرج إلينا بفارغ الصبر وما هي الا دقائق حتى ظهر البطل بطوله الفارع والنحيف يصدح بنبرة صوت غريبة لا تعرفها عنه... يهتف في وجه عدو أمامه ...ربما كان العدو قد أندهش من نبرة صاحبي الذي يعرفه وراء الكواليس فارتبك ونسى ما يجب أن يقال فوقع في مأزق وأوقع معه البطل ... ضحكت وضحك معي صاحبي وضحك الحضور، فقرر البطل أن يسير بجانب المسرح بعد هذه المسرحية...


قصة قصيرة السروال

قصة قصيرة
مهداة لروح صديقي محمد خضير

السروال
أستلم سرواله الجديد من أحد الخياطين الباكستانيين، بعد أن أنهى له بعض التعديلات الضرورية ليكون سروالا ممشوقا يناسب موديل عصره .. كانت المدن تعج بالخياطين والخبازين الأجانب الذين جاءوا إلى البلاد بحثا عن العمل.. لم يكن هناك من يعترض على ذلك، لا من الناس ولا من الحكومة... رافقته إلى محل الخياط لإستلام سرواله وسارع لارتدائه للحاق بعرض سينمائي في حديقة أحد النوادي الرياضية القريبة من ساحة خضراء تحيط بها أشجار نخيل جوز الهند العالية الغير مثمرة، ينتصب في وسطها فارس من الفرسان بحصانة العجيب ..لطالما كنت وصاحبي نجلس فيها ونتسامر لساعات أمام مجموعة من نافورات الماء تتخللها إنارة ملونة .. كان ناديا رياضيا أجتماعيا يلتقي فيه الجميع بمحبة ووئام.

لم نستطع اللحاق بموعد العرض فاغلقت أبواب النادي في وجوهنا ومنعنا من الدخول..قفزت الأفكار والخطط أمامنا في محاولة للدخول إلى مكان العرض باي ثمن ..قررنا ان ندخل خلسة ..فكان امامنا ان نقفز سورا حديديا ليس مرتفعا كثيرا عن الأرض فقفزت أولا إلى داخل الحديقة وقفز صاحبي من بعدي وبحركة خاطئة منه، أصاب حديد السور سرواله الجديد فتمزق جزءا صغيرا منه... رغم ذلك ضحكنا وتندرنا على حظ سرواله العاثر، لكن صاحبي أعتقد أن بما حصل له ما هو إلا ثمنا أو عقابا لما اقترفنا من ذنب باتجاه قوانين النادي... دخلنا النادي وتابعنا الفيلم وتابعتنا العيون بسبب ضحكنا المتواصل على ما حصل لسروال صاحبي..لم نستطع أن نكمل الفيلم فخرجنا من النادي للعودة إلى الخياط لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل عودته للبيت وسماع توبيخا...