بحث هذه المدونة الإلكترونية

11/02/2020

قصة قصيرة : العائلة الصغيرة والعائلة الكبيرة

 

العائلة الصغيرة والعائلة الكبيرة

كان يحب القراءة وتأليف الكتب وكان يتنافس  كثيرا مع اخوته في قراءة عدد الكتب اثناء العطلة الصيفية واثناء قيلولة والديه...وعندما قرا رواية حي بن يقضان تعرف على ابن سينا، و الشيخ شهاب الدين السهروردي، والفيلسوف الأندلسي ابن طفيل، وصالح بن كامل. ومن خلال قراءته الكثيرة عرف مصدر الامثال الشعبية والتي كان آخرها ان عرف مصدر الامثلة الشعبية المصرية التي تقول «السعد وعد» و«السعد ماهوش بالشطارة ».. وعرف اسباب لجوء النحويين إلى التمثيل  بزيد وعمرو في الكلام.

في أحد الايام جلس في حديقة منزله بين زهورها وورد الداليا الملونة الجميلة تملأ سواقيها، يقرأ كتابا عن الحرب العالمية الثانية وتيقن  ان انتصار الانكليز في الحرب العالمية على الالمان ما هو الا بداية لنكبات جديدة قادمة على وطنه وبالفعل صدق حدسه وقبله حدس والده أصابت النكبات التي ارادها المحتلون  بعد سنين كل مرفق من مرافق وطنه حتى بدأ أعوان المحتلين بتغير اسماء شوارع المدن واسماء المدارس فيها.

لم تكن الكتابة فقط من اهتماماته فقد كان مولعا ايضا بتصنيع أشياء أحتاج لها الناس ايام الحصار الشديد الذي طوق وطنه و فرضه اعداء الوطن بدافع الحسد من انتصار كبير حققه الوطن على عدو شرير آخر، فقد كان ماهرا في صناعة اجهزة توليد الطاقة او اجهزة الحفاظ على الاجهزة من التلف كما كان ماهرا في الكتابة التي غادرها لاسباب خارج إرادته .

بعد يوم ممطر وعاصف صاحبه برق مخيف يتبعه صوت رعد قوي في السماء أختلط مع صوت المدافع وازيز الطائرات قرر ان يغير من اقامته من المكان الذي يعرفه الجميع إلى مكان آخر أكثر هدوءا وأكثر صحوا، لكن لا وجود للارسال التلفزيوني والتقاط الاشارات الراديوية وبالكاد يصل إلى المسامع... حل ليل دامس انقطعت فيه جميع مصادر الضوء بأستثناء نجوم الثريا وهي كعنقود العنب متلألئة في ظلام دامس.

رغم اجواء الحرب المشحونة بالقصف الجوي والصواريخ العابرة للقارات لضرب مدن وطنه وهدم البيوت على ساكنيها، ظل يبعث التطمينات وثغره باسم وجميل وكله امل في وقف حمم النار دون ان يخسر أحد من عائلته الصغيرة أو عائلته الكبيرة لكن مشاعره واحاسيسه الباطنية ظلت قلقة على كلتي عائلتيه ولم يهدأ له بال حتى سمع من مذياع صغير ألتقط موجة قصيرة أذاعت نبأ مشوها وظل كذلك بعد أعلانه يفيد بوقف رمي حمم النار وايقاف الحرب ضد وطنه فاطلقت شفاه النساء الزغاريد فرحا رغم انها يبست من برودة شهري يناير وفبراير لكن بعضها قد حافظ على سمرة حسنة.  

تذكر ايام الحصار ومشاكل الوطن والناس ومعاناتهما من النقص في الغذاء والدواء وحتى الوقود المتوفر في وطنه قد عانى الناس  ما عانوا  في تجهيزه من محطات الوقود التي اصطفت السيارات والناس في ساحاتها للتزود بما تحتاجه من الوقود...

بالرغم من التحذيرات التي كانت تطلقها الدولة ونداء مؤسساتها المختصة من عدم أستبدال صنوف الوقود بغيرها لاستعماله في ملىء خزان السيارة او استخدامه في المدافىء لكن استجابة الناس لذلك النداء لم تكن كافية وكأن صداه قد قدم من مكان بعيد وارض منخفظة.     

شاهد بام عينه أحتراق السيارات جراء سوء اختيار الوقود وشاهد لهب نيران تخرج من نوافذ سيارة صديقه الذي هرع معه لإخماد ما تبقى منها وابتعد الناس عنهما خوفا من أنفجارها لكنه أصر على البقاء مع صاحبه وفاءً له لما قدم له من مساعدة في أمور كانت من الصعب انجازها في الاوقات الحرجة. كان ولاء صاحبه إلى الوطن كبير فرغم تقاعده المبكر من وظيفته في الجيش الا انه ظل متمسكا بالولاء الى الوطن ويشجع اولاده وأصدقائه على الانخراط في دورات عسكرية للوقوف ضد المعتدين وامتثل هو لطلب صاحبه للإنضمام إلى أحدى الدورات وتدرب على السلاح والرمي حتى اصبح راميا يشار له بالبنان بين اقرانه المتدربين.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق