فلسطين – الأرض المقدسة و أم شجر الزيتون
عرفناها ونحن نقرأ عنها في
درس الوطنية في مدارسنا الابتدائية والمتوسطة وعرفناها بعد ان ذهب الاباء والاقارب
إليها للدفاع عن أراضيها وعن مساجدها وعن اشجار الزيتون فيها وعن كل شبر فيها،
عرفناها أكثر عندما جاء بعض أهلها إلى بلاد العرب يسأل الناس ألحافا وهو يرى قوم صهيون
يغتصب أرضه.
سؤال يردده الجميع على
الأغلب: ما أهمية فلسطين لتشغل قضيتها نصف سكان العالم ؟ وكيف لا وهي صاحبة
التاريخ العريق، وهي بلد كل الأديان السماوية، وارض الرسالات السماوية، ومحطة لكل
الانبياء، فقد أختارها الله لتضم المسجد الاقصى؛ وهو أحدى القبلتين وثالث الحرمين ومنها
عرج النبي محمد ﷺ الى السماء، كما تضم كنيسة القيامة ومهد السيد
المسيح (عليه السلام) وملجئا لليهود في زمن النبي موسى (عليه السلام). كما شهدت
فلسطين هجرة النبي ابراهيم (عليه السلام) إليها مهاجرا من مدينة أور في العراق.
لقد بارك الله تعالى في أرض فلسطين وفي أيقونتها –
المسجد الاقصى- التي ظلت صامده بوجه محاولات اسرائيل في هدمها بحجة البحث عن
الهيكل المزعوم، وهي قبلة الانبياء وهي التي أعطت العالم الحب والسلام وقد سميت
ارضه بالمقدسه او القدس اي الطاهرة التي طهرت من الشرك وجعلت الارض من حولها
مباركة يسكنها الأنبياء.
تتمتع فلسطين بتاريخ كبير، فهي غنية بالأحداث التاريخية
التي لم تشهد بها الكثير من دول العالم، فقد كانت فلسطين واحدة من الدول التي شهدت
على عدد كبير من الحضارات القديمة والحديثة، فيها مثلا مدينة اريجا التي تعتبر
أقدم مدينة موجودة في الوطن العربي، فقد مرت على تلك المدينة حوالي احدى عشر حضارة
منذ ان عرف التاريخ، وقد كانت دائما ما تذكر فلسطين على انها الارض الخضراء الخصبة
والتي تنبت ارضها الكثير من الخير للناس.
ولمدن فلسطين الكثير من الحكايات والأساطير فتلك مدينة
(عكا) لها من الأساطير الكثير وأشهرها ما جاء في سفر أيّوب من العهد القديم تحكي
أنّ البحر الكبير غمر العالم، وعندما وصل إلى شاطئ عكّا وقف مكانه.
وتعرف المدينة باسوارها الشهيرة الذي بناها حاكم المدينة
الشيخ طاهر العمر الزيداني في القرن الـ18 والتي افشلت محاولات نابليون بونابرت
وجيوشه من أقتحامها رغم الحصار الطويل عليها وتعرضها لوابل من قذائف المدفعية،
وبسبب فشل الحملة الفرنسية على عكا، قال نابليون كلمته الشهيرة "تحطمت أحلامي
على أسوارك يا عكا، سلاما لا لقاء بعده".
ولاشجار الزيتون الفلسطينيه حكاياتها وأساطيرها ايضا، وكيف
لا وارض فلسطين تنبت فيها اقدم شجرة زيتون في العالم فقبل عشر سنوات تم اكتشاف
شجرة زيتون عملاقة من قبل علماء يابانيين أطلق
عليها أسم "أم شجر الزيتون" ويبلغ قطر أرضيتها حوالي خمسة وعشرين م2 وقد
أحيطت بسياج لحمايتها من أي اعتداء يغير من واقعها التاريخي الأثري المهم. ويطلق عليها السكان اسم شجرة سيدنا (احمد البدوي) بحيث
يذكر الأهالي أنها وقفية، لذا يخشى الناس التعرض لها بسوء و(احمد البدوي) هو قطب
صوفي شهير قبره في مدينة طنطا الساحلية في مصر، وكان له أتباع كثر من فلسطين وكان
الدراويش يأتون إلى الزيتونة، يشذبونها ويقلمونها ويجمعون الأغصان ليوقدوا نارا
تحتها، بينما يأتي الذين نذروا النذور ليطهون طعاما تقليديا من الأرز والعدس
ويوزعونه على الفقراء، ولكن هذا الطقس لم يعد موجودا في الوقت الراهن.
وترتبط الشجرة بميثولوجيا محلية وحكايات لا تنتهي عن
الحلال والحرام والصدق والكذب، وفعل الخير. إذ تروى أسطورة عن تلك الشجرة، وهي أن
أحد أهالي المنطقة قام بقصف جذع منها ليستخدمه كعصا للفأس (هراوة)، ولكن هذا الجذع
تحول في الليل إلى نوع من الأفاعي السوداء يعرف محليا باسم العربيد أثار الذعر في
المنزل، فما كان منه في صباح اليوم التالي
إلا أن اخذ الجذع وقذفه إلى الشجرة قائلا (خذ جذعك يا سيدنا احمد البدوي)[1] .
كان الأحتلال البريطاني
لفلسطين عام 1917 بعد اندحار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى ووضعها
تحت الأنتداب بعد ان كانت سنجقا في الدولة العثمانية، تمهيدا لسقوط فلسطين بأيدي
اليهود وبداية لنكبتها وتشريد شعبها ، فقد أعطت بريطانيا وعدا لليهود وهو وعد
بلفور المشؤوم، الذي أعطى الضوء الأخضر لليهود لإقامة وطن قومي لهم في فلسطين
بالرغم مما كان يُشكله العرب
ما نسبته حوالي الـ95% منهم (مسلمين ومسيحيين) و5% فقط من اليهود، اما نسبة ملكية
الأراضي لليهود عام 1923 لم تكن تتجاوز 3% من الاراضي الفلسطينية[2]. .
كان القرار البريطاني قد اشعل فتيل المقاومة ضد الغزات
الجدد من الصهاينة وألهب المشاعر العربية والقومية والاسلامية فجاءت الجيوش
لتحريرها من الصهاينة المدعومين بكل قوة من بريطانيا وامريكا التي عملت جاهدة
لقيام وطن قومي لليهود فقامت القوى العالمية بدعم الصهيونية وقدمت لليهود الصهاينة
المال والسلاح للتصدي للمقاومة الفلسطينية والجيوش العربية. بعد الإحتلال البريطاني
لفلسطين، قامت بريطانيا على توفير كافة الحمايات القانونية والامنية والمالية
اللازمة لتحقيق أهداف الحركة الصهاينة.
لم تكتفي القوات الغربية والأمريكية بمساعدة
الصهاينة في المال والسلاح بل راحت ترسم الخطط لتغيير الأنظمة العربية المناهضة
للأحتلال الصهيوني لفلسطين وأصبحت القضية الفلسطينية أحد أهداف الحروب التي جرت
لاحقا في المنطقة، من أجل أبقاء حالة من عدم الاستقرار البلدان العربية والاسلامية
كما قامت القوى الغربية بأغراء بعض الدول الفقيرة بالمال لكسب تأييدها للكيان
الجديد في فلسطين وكسب الأصوات في عصبة الأمم ولاحقا في مجلس الأمم المتحدة لصالح
الصهاينة.
لقد حافظت الحركة الصهيونية على الاستمرارية في تحقيق اهدافها
وأساليبها على مدى القرن الماضي. منذ البداية سعت الحركة الصهيونية لتحقيق أغلبية
سكانية لليهود في فلسطين وإنشاء دولة يهودية على أكبر قدر ممكن من أراضي فلسطين. ولتحقيق
هذه الأهداف تم إستخدام الكثير من الاساليب ومنها تشجيع الهجرة اليهودية وشراء
أكبر مساحات ممكنة من اراضي فلسطين لتصبح وقف غير قابل لتصرف لكل الشعب اليهودي.
كانت هذه السياسة السبب الرئيسي الذي منع السكان العرب الاصليين من تحقيق اهدافهم
الوطنية واقامة دولتهم الفلسطينية، ولنجاح هذه السياسة اُستوجب تشريد الشعب
الفلسطيني من أرضه عندما كان تواجدهم يقف أمام تحقيق الأهداف الصهيونية كما نجحت
الأمبريالية العالمية والصهيونية العالمية في أرساء مفاهيم مغلوطة لا وجود لها في
التاريخ الفلسطيني و العربي او الأسلامي وحتى المسيحي فقد تعرض هو الآخر إلى تشويه
متعمد لشق الصفوف المرصوفة بين المسيحين والمسلمين والتي كانت سائدة قبل دخول
القوات البريطانية إلى فلسطين.
كانت ردود فعل الشعب الفلسطيني تجاه الهجرة اليهودية
وشراء الأراضي والمطالب الصهيونية السياسية منتظماً ومتطابقا بشكل ملحوظ منذ
البداية، وأصروا على أن تبقى فلسطين دولة عربية لها نفس الحق في تقرير المصير والاستقلال
كدول شرق الاردن، مصر والعراق التي منحتها بريطانيا الاستقلال بدون تصادم عنيف.
في الواقع كان الهيكل السياسي للشعب الفلسطيني قد إنهار
بالكامل في اواخر الثلاثينيات بسبب قمع الاحتلال البريطاني للشعب الفلسطيني، وحلّه
للهيئة العربية العليا وإعتقاله للمئات من السياسيين الفلسطينين.
هذا الإنهيار أدى لجهود في الاربعينات من قبل الحكام
العرب لإعادة بناء الهيكل السياسي الفلسطيني وذلك لقلقهم إزاء تدهورالأوضاع في
فلسطين وعواقب الإنهيار السياسي لشعبها.
كان دعم الحكام العرب للفلسطينين في المجالات
الدبلوماسية والعسكرية محدودا إذ كانت الأولوية هي حماية مصالحهم الوطنية. لعدة
عقود إستمر الشعب العربي الفلسطيني بالمطالبة بدولة تعكس الاغلبية العربية في فلسطين
التي تناقصت تدريجيا حتى وصلت إلى 68 فى المائة بحلول عام 1947.
لذلك رفضت غالبية الفلسطينين قرار التقسيم الصادر من
الأمم المتحدة في نوفمبر 1947 الذي منح الدولة اليهودية 55 ٪ من مساحة فلسطين التي
شملت فلسطينيون تعدادهم مساوي لتعداد لليهود[3]. ومع ذلك
فإن الشعب الفلسطينيي إفتقر للقوة السياسية والقوة العسكرية لدعم مطالبهم.
عندما سحبت بريطانيا قواتها فى 15 أيار1948 وأعلان
الصهاينة دولة اسرائيل، تدخل الحكام العرب عسكريا لحماية تلك المناطق التي خصصت
للدولة العربية.
لكن عندما إنتهت حرب 1948 وبعد توقيع اتفاقات الهدنة
1949، تقلصت المنطقة العربية الى 23 فى المائة فقط من فلسطين بحيث سيطر الجيش
المصري على قطاع غزة وجيش شرق الاردن على تلال وسط فلسطين (او ما يعرف الأن بالضفة
الغربية).
وقد هُجر 726,000 فلسطيني بحد ادنى من المناطق التي
تسيطر عليها إسرائيل، وبعد الحرب ضم الامير عبد الله المناطق التي إحتلها جيش شرق
الاردن والتي سميت فيما بعد بالضفة الغربية[4].
ما يحدث اليوم في فلسطين
هو صراع من أجل البقاء ... وما يتعرض له من هدم للمنازل لاقامة مستوطنات أسرائيلية
فيها الا لمحاولات إسرائيلية لطمس الهوية العربية الفلسطينية وهو ما يخالف الأعراف
الدولية وما حالة المقاومة الباسلة التي يبديها الفلسطينون الا لمقاومة الأحتلال
الاسرائيلي للأراض العربية الفلسطينية.