رسمت حركة عالية الابتسامة على وجنتي سوسن وعاتقتها لهذا الإطراء وعادا ووقفا ليقول بصوت واحد: إلى اللقاء.
4/11/2022
هذا البلوج يحتوي على مؤلفاتي من الكتب في تاريخ العراق والسياسة ومؤلفات أخرى تهتم بالصحة العامة ودور الغذاء فيها وكذلك القصص القصيرة والخواطر الفكرية وبعض المقالات إضافة إلى مواضيع أدبية كما يتضمن البلوج بعض الكتب الذي قمت بأعدادها باللغة الأنجليزية وهي كتب علمية في الهندسة الكهربائية وهندسة المحركات الكهربائية و التوربينية وكتاب بالمواصفات العالمية أيضا
رسمت حركة عالية الابتسامة على وجنتي سوسن وعاتقتها لهذا الإطراء وعادا ووقفا ليقول بصوت واحد: إلى اللقاء.
4/11/2022
كانت والدتي تعنى بأولادها وتراقب
سلوكهم في المنزل وخلال الزيارات العائلية، بينما كان والدي يعمل بجد في أعماله
لتوفير ما يكفي لأسرته الكبيرة ولعمته العجوز التي كانت تعيش معهم، وكان يجمع
الجميع تحت سقف منزلهم الصغير.
بالرغم من قسوة الحياة وابتعاده عن
البيت بسبب وظيفته، إلا أنه كان مصممًا على توفير حياة كريمة لعائلته، ولم يتخلى
عنهم أبدًا. وفي كل مرة كان يغادر فيها، كان يردد لنا تلك الكلمات: "أقرأ...
أكتب".
ولم ينسى والدي تلك الكلمات حتى في
آخر لحظات حياته. بفضله وبتوجيهه، حقق أبناؤه نجاحات كبيرة في حياتهم، وتخرجوا من
جامعات مرموقة، وحصلوا على وظائف حكومية.
لولا أبي وتوجيهاته، لما تحققت لي ولإخوتي النجاحات التي نفخر بها اليوم. إنه فارس الأسرة الذي بنى لنا جسرًا نحو النجاح، وبفضله تحققت أحلامنا وأصبحنا ما نحن عليه الآن
لوحة في القلب
قصة قصيرة
جلس في الباحة الخارجية لمنزله المطلِّ على غابة صغيرة ترتفع على أرض خضراء أنبتت زهوراً برّيّة ذات ألوان زاهية شكّلت لوحة تاركةً وراءها طبيعة ساحرة بمعانيها استسلمت لها موهبته في الرسم فحمل لوحاً خشبياً وحقيبة وضع فيها أدوات يستخدمها في رسم الأشياء، قام بتثبيت ورقة بيضاء على لوح الرسم ثم أخرج من حقيبته مجموعة الألوان وفرشاة كبيرة وأخرى أصغر منها وشرع بتحديد خطوط غير مفهومة.
بينما كان يجول بنظره في أرجاء الغابة تسلّل شعاع للشمس من جنبات الأشجار العالية وسقطت أجزاء منه على الأرض الخضراء فتداخلت ألوانها بين ألوان ذهبية برّاقة وأخرى غامقة لا بريق لها فاستحضر ذكر خالقها الذي أبدع في تفاصيل ألوانها. ترك لوح الرسم وسار نحو حافة ترتفع عن الأرض الخضراء هي وادٍ غير عميق غطّته تلك النباتات البرّيّة وسجّادة من حشائش خضراء تدرّجت ألوانها فتشكلت خطوط من الزهور الصفراء إلى جانب أخرى ذات ألوان بنفسجية وزهور أخرى بيضاء ارتفعت سيقانها أعلى من بقية الزهور. استظلَّ جزء من الوادي بأشجار الغابة وترك مساحة منه تستقبل أشعة الشمس الذهبية التي انكسرت عند وريقات الزهور الملوّنة … حوّل بصره تجاه الأشجار العالية التي حجبت جزءاً كبيراً من ضياء الشمس المائلة إلى الغروب. لم يتفاجأ بخروج أسراب من طيور القماري التي كان ينتظرعودتها فهو يعرف عنها أنَّها طيور مهاجرة لا تحلِّق إلّا في المساء خلاف بقية الطيور التي تهاجر ليلاً وتسكن أعشاشَها نهاراً حريصة على نفسها من الطيور التي قد تهاجمها.
حلّقت طيور القماري عالياً في سماء صافية وشكّلت سرباً يقوده واحد منها وخلفه توزّعت بقية الطيور بصفّين متباعدين عن بعضهما وبنسق جميل. خطف ذلك المشهد قلبه وشعر بأنّه سيضيف إلى لوحته صورة مذهلة… راح يتأمّل جمال السماء بألوانها الرائعة المتداخلة بين اللون البرتقالي الذي بدأ غروب الشمس ينسجه ولون السماء الصافية الرائع.
أخذ فرشاتَه وبدأ يرسم لكنَّ بصره لا يكفُّ عن النظر في اللوحة الطبيعية التي أمامه، ترك يده تُحرِّكُ فرشاتَه بما يعتلج في قلبه… ظلَّ يرسم وعينه على الوادي حتى حدث أمرٌ في السماء شغله قليلاً… انطلقت أصوات الطيور العائدة إلى أعشاشها وملأت أصداؤها أرجاء الوادي فتشوّش عقله وكفَّ عن متابعة الرسم… بدأ صوتها يخفت… انتظر سكونَ المكان لكنَّ الظلام بدأ ينسج صورته فعاد إلى لوحته بعد أن عاد إلى وعيه… رفع الصورة التي رسمها ليكتشف مفاجأة كانت تنتظره!
على الرغم من جمال الطبيعة الساحرة أمامه وعلى الرغم من الطيور المهاجرة وتلك العائدة إلى أعشاشها التي مرّت من أمامه، وعلى الرغم من آلاف الزهور الملونة الجميلة التي متّع بصره بها، وعلى الرغم من غروب الشمس، رسمت أنامله صورة أخرى اكتشف أنَّ ملامحها تشبه ملامح حبيبته… أيقن أنَّ قلبه قد رسم لوحةً أخرى.
راح يتأمّل صورة حبيبته ويردِّد:
يا غائبينَ وعرشُ القلبِ مسكنُهُمْ هذي المواجعُ -رغم البُعدِ- هل تصلُ؟
و بأشارة من سبّابته خاطبها: لا يمكنكِ الإفلات من قلبي!
مرايا كونية
من روايات الخيال العلمي
لقد فكرت كثيرا في هذا، ويمكنني أن أقدم مفهوما جديدا للأكوان بطريقة مشابهه لما قدمته نظرية الأوتار. أني أعتبر الكون الذي نعيش فيه هو مكعب ذو ابعاد كبيرة، يتصل به من كل جانب، مكعباً آخراً، فيصبح عدد المكعبات سبعة وتستمر بهذا الشكل إلى ما لا نهاية ولا يفصل المكعبين المتجاورين إلا جدارين واحداً لكل مكعب، اما الحصول على فوهه في المرآة يعني أحداث ثقب في جدارين لمكعبين، أحدهما الكون الذي نعيش به.
تحفزت سارة بشكل اكبر فقالت وهي تشجع جمال في اكتشاف نظرية كونية جديدة: أستطيع ان اقول انك امام نظرية كونية جديدة.
هزّ جمال راسه وفي صدره حافزا جديدا فلاحظت سارة ذلك وابتسمت لأفكاره ثم أستدركت: ولكن لماذا لايحدث ذلك في أشياء أخرى كالجدران مثلا؟
فاجابها جمال بثقة: هناك نقاط ضعف لاي قوة موجودة في الاجسام المختلفة ونقاط الضعف للقوة الكهرومغناطيسية في سطوح هذه المرآيا أكثر من غيرها في بقية الاجسام.
أصبحت المعلومات التي قدمها جمال ثقيلة على سارة التي لا زالت تسأل: وماذا بعد اكتشاف نقاط الضعف في المرآة؟
فاجابها جمال وهو يربط استنتاجه بنظرية الاوتار قائلا: هذا يعني اننا أمام أمكانية أختراق جدران المكعبات او الأغشية الموصوفة في نظرية الأوتار، والولوج إلى عالم آخر نظير للكون الذي نعيش فيه!!!
للحصول على الرواية اذهب إلى الرابط:
https://play.google.com/store/books/details?id=JfJJEAAAQBAJ
طقطق[1]
طَرقَ
طارق طريقاً مطروقاً منطلقاً إلى سوقٍ للطيورِ...
قطفَ
قطفةً من شجرةِ عرموطٍ في حديقة داره فقظم منها قظمةً... وطرقَ سمعُهُ صوتَ مواء
قطة...
شعر
بالقلق على طيوره التي يجمعها في قفصٍ كبيرٍ يحتفظ به في الحديقة، فطاردها حتى
قفزت القطةُ من حائط سور بيته فقطعت
الطريق وابتعدت خائفة...
التقط
من الطريق ملقطا، قذف به في حاوية القمامة التي ملئت باوراق قصص وروايات مطبوعة ...
واراد قراءة بعض الأوراق من فوق حاوية القمامة لكن رائحة الطعام النتن الممزوج
بالاوراق غيرت رأيّهُ.
هطل
المطرُ لكنه سار في الطريق يُقدّمُ خُطوةً ويؤخرُ خُطوةً...وقع نظره على خارطة للبلدان
والقارات والمحيطات مُمزّقة الأطراف، سقطت عليها قطرات من المطر الذي كان سببا في
تأخير خُطواته على طريقٍ غطاه الماء وزحف عليه الطين من كل جانب ... ظل طارق
يتفادى سقوطاً متوقعاً في طقسٍ كهذا...
قطع
طارق الطريق وقد أبتلّت قطع ملابسه الخارجية ... توقف ليمسحَ عدساتُ نظارته الطبية
بقطعة من القماش خيطت خصيصا لها ... انطلق سيراً على الجانب الثاني من الطريق...اراد
أنْ يحتمي من المطر فوقف تحت مظلة بقالّةٍ، غطت بضاعتها المعروضة على قارعة
الطريق...أشتد المطر وأزدادت سرعة الريح وطلب منه البقال بلطف ان يدخل وأن يغلق
الباب برفق...وافق على دعوة البقال وشكره للطفه، وانتظر توقف المطر او على الاقل
سكونه...
توقف
المطر فكرر شكره للبقال وهو يخرج من البقالّة إلى الطريق في وجهته إلى سوق الطيور ...
حثّ الخطى ليقطع المسافة المتبقية ...
بدا
يشعر بوصول الماء إلى داخل حذائه فوقف تحت سقف موقف الحافلة ليخرج الماء من حذاءه
...قرر ان يصعد الحافلة التي وقفت في الموقف فصعد سلم الحافلة بالطريقة التى تعود
أن يصعد بها، خطوةٌ خطوةٌ...
وبينما كانت الحافلة تُخلّفَ وراءها رذاذَ ماء
المطر الذي تجمع في الطريق انحرفت قليلاً في احدى التقاطعات وتجنبت سقوطها في حادث
مروع...طلب السائق من ركابه الواقفين ان يثبتوا خشية سقوطهم.
توقفت
الحافلة عند موقف قريب من سوق الطيور فنزل طارق من الحافلة بالطريقة نفسها التي
صعد فيها...خطوةٌ خطوةٌ، وتوجه مباشرة إلى صديق له في السوق يعمل في تجارة الطيور
واستقبله صديقه بأخبار سارة في وصول انواع نادرة من الطيور تستطيع الكلام، اسمها
المحلي طقطق بسبب حركة منقاره في شباك قفصه فيحدث طقطقة فيه، وكان طارق يحب لغة
الطيور والحديث معها... وقص عليه حكاية عنها لا تخلو من التشويق فقد كان صديقه
بارعا في ترويج بضاعته فقدم لطارق ورقة أوضحت بالتفصيل حياة هذه الطيور وطعامها
وعاداتها والاهتمام بقص ريشها بين وقت وآخر وطلب من طارق الاسراع في أقتنائها قبل
مجيء زبون آخر يطلبها ويحصل عليها...أقتنع طارق بقصة صديقه فقرر شراء أحداها وضمها
إلى مجموعة مقتنياته من الطيور...
وقف
امام طقطق يقول له: أسمعني صوتك فقد مر يومان وانت انت كما جئت بك... أخرس ... لو
تعلم كم عانيت حتى اصل إليك لأطلقت صوتك من يومها! واني أنذرك اذا لم اسمع صوتك
فاني سوف اقاطعك واقوم بارجاعك وقبض ثمنك او اعطيك لقطة تأكلك!
فجأة
أطلق طقطق صوته: السلام عليكم..
ابتسم
طارق ملوحا بيده قائلا: نحتاج إلى لغة التهديد احيانا حتى وان لا نفعل بها.
[1] استخدمت القصة حرفي الطاء والقاف كثيرا لتأكيد على جمالية اللغة
العربية ومفرداتها الواسعة وقد تقصدت ان الا يخلو سطرا من حرفي القاف والطاء
وان لا يقل عدد كل منهما عن مئة مرة في سطور اقل من خمسين سطرا...
كان الأمل يحدو الطلبة في الحصول على وظائف ما بعد
التخرج في شركات ومؤسسات مرموقة، لكن قانون الخدمة العسكرية الذي ظل طويلا يلاحق
الطلبة الخريجيين ويزجهم في دورات عسكرية تستمر في حالات السلم لمدة سنة وتسعة أشهر
وتكون الخدمة اكثر من ذلك في حالات الحرب وبشكل مفتوح حتى يصدرا امرا حكوميا
بالتسريح من الخدمة العسكرية… لكن خريجي الكليات الهندسية لهم بعض الاستثناءات
في بعض الأحيان، فهم عصب التطور في بناء البلاد ولهذا يظل المهندسين ورقة صعبة في
الخدمة العسكرية، فاضطرار الدولة إلى تسريحيهم هو بسبب هذا الخصوص… وقد عملت الدولة
على أستثمار جهود المهندسين وجذبهم إلى مؤسسات ذات طبيعة خاصة، تتميز بأعمال تتطلب
جهودا كبيرة لإنجاز خدماتها، لذا تسارع الدولة في تقديم عروضها إلى المهندسين
حديثي التخرج ومنها العمل في تلك المؤسسات مقابل تجميد الألتحاق بالخدمة العسكرية
لمدة زمنية تعادل تلك التي يقضيها المهندس في الخدمة العسكرية ومقابل مرتبات عالية
وهي في الغالب أعلى من بقية رواتب المهندسين لنفس سنة التخرج في دوائر حكومية أخرى …كان يجري ذلك خلال السنة الأخيرة من الدراسة
في الجامعة.
لقد أغرت هذه العروض بعض المهندسين وانا منهم فبدأ البعض
بتسجيل أسمه لدى فريق المؤسسة على أمل الألتحاق بالعمل فورا وفي الوقت نفسه يستطيع
الأفلات من الخدمة العسكرية التي تتصف بالشدة وصعوبة الأداء.
في الحقيقة كان هناك تنافس بين هذه المؤسسات وبين مؤسسات
أخرى تابعة لوزارات الدولة في أستقطاب المهندسين
ويتم تعيين المهندسين في الوزارات من خلال وزارة التخطيط
تحت مسمى التعيين المركزي، وقد يصادف كما صادف معي ومع صديق لي ان تم توظيفنا في
وزارة النفط حسب التعيين المركزي، وفي الوقت نفسه ترشحنا للعمل في تلك المؤسسات.
بالرغم ان
اختيار المهندس بين الوظيفتين في هذه الحالة محدود، ويظل معتمدا على قرارات يصدرها
الوزير او مسوؤلا كبيرا في الدولة.
بعد المباشرة بأشهر معدودة فوجئنا بتبليغ مكتوب بالحضور
إلى أحدى المؤسسات لأستكمال التعيين فيها وباتفاق مسبق بيني وبين صديقي قررنا ان
نترك العمل في وزارة النفط والالتحاق بتلك المؤسسة لنستدعى بعد ذلك من قبل جهة
امنية للاستفسار عن أسباب ترك العمل … وبعد أبلاغهم بحقيقة الأمر تم أخلاء
سبيلنا والموافقة على انتقالنا إلى المؤسسة… وبالفعل التحقنا بالعمل الجديد
والتقينا باصدقاء سبقونا هناك نعرفهم من الجامعة وباختصاصات مختلفة… كان العمل
بالنسبة لي مريحا نوعا ما وفي صلب الأختصاص اما بالنسبة إلى عبد السلام فكان العمل
بعيدا عن أختصاصه واصبح أمام كم من المعلومات الجديدة، فشعر بالضجر والملل من نوع
العمل وظل يفكر في ترك العمل في أقرب فرصة والعودة من حيث أتى في وزارة النفط.
اجتمعت مع عدد من زملاء
الدراسة في الجامعة، لكن باختصاص آخرومنهم خالد، علاء وآخرين…من قسم البناء والانشاءات في
الجامعة، ومهندسا كهربائيا كان قد تخرج قبلنا اسمه ضياء، جميعنا اجتمعنا في
قسم واحد يختص بتنفيذ مشاريع ابنية الخدمات التي تحتاجها المؤسسة في
أعمالها…وجميع هؤلاء الزملاء الذين أصبحوا فيما بعد أصدقاء، هم من عوائل محترمة
يتصفوا بالخلق الرفيع والأدب والتربية الأصيلة
نشئت علاقات عمل وصداقة
طيبة بين الجميع، ومثلما كنا نتشارك في الطعام اليومي في مطعم المؤسسة، بدأنا نتعاون
في إنجاز الأعمال المكلفين بها دون ان يؤثر علينا طبيعة العمل المرهق والدوام
الطويل في هذه المؤسسة.
كانت فترة الاستراحة
الممنوحة لنا بعد تناول وجبة الغذاء عبارة عن فترة استرخاء للبعض او فترة القيام
بالتسالي وهي عبارة عن حزورات او تسالي فكرية إذ لم تتوفر وسائل أخرى غيرها آنذاك… فكنت ابادر في جمع الأصدقاء واللعب بالتسالي الخفيفة التي يغلب على أكثرها شيء من
الفكاهة.
في نظام العمل في هذه النوع من المؤسسات، ينشط الجميع
قبل الاستراحة عند منتصف النهار ليبدأ بعدها مراجعة المشاكل الهندسية او المعوقات
خلال أجتماعات تعقد لهذا الغرض… كان الاصدقاء الذين يقضون اثناء الاستراحة ساعة
من الاسترخاء وربما قيلولة صغيرة يحضرون الاجتماع وهم لا زالوا في حاجة إلى الراحة
نتيجة الأرهاق الذي يصيبهم بين النهوض مبكرا والمسير الطويل، بين منازلنا وبين
المؤسسة، في باصات مصنوعة محليا، تشتهر بصوت محركها العالي واهتزازاته تجعل من
ركابها في حالة من الاسترخاء الشديد.
في أحيان كثيرة يلجأ مسؤولنا
إلى الطلب من كل واحد منا أستعراض أعماله وكتابتها في تقرير يومي، لكن قبل ذلك
يلقي المسؤول على المهندسين تعليمات ادارية وانضباطية احيانا وحث الجميع على أسرار
العمل ايضا…كان ذلك يبعث في نفوس المهندسين شيئا من الملل والضجر من تكرار سماع
مثل هذه التعليمات…فينتاب البعض حالات من التثاؤب المستمر لكن بعضها كنت امارسها
والصديق ضياء عمدا حتى يتمكن التثاؤب من المسؤول ايضا، فيبدأ هو الآخر مقاومة
تثاؤبه دون جدوى حتى يستسلم له وبعد استمراري وصديقي في التثاؤب يبدأ الجميع بالتثاؤب
حتى يوقف المسؤول حديثه ويظل يقول: لو نكمل الأجتماع لو أنروح انام!!!
أستمرت الاوضاع هادئة في الأعمال اليومية في القسم الذي
أعمل فيه بينما ظل عبد السلام يعاني من أعمال قسمه حتى قرر الهروب منه والعودة إلى
وزارة النفط ونتيجة ذلك جرت العديد من المساجلات بين وزارة النفط وشركتنا السابقه
من جهة وبين المؤسسة من جهة أخرى… فقد صدرت عدة أوامر أدارية مرة لصالح المؤسسة
ومرة لصالح الوزارة حتى جاء يوم القرار الحاسم.
زار وزير النفط موقع العمل الذي لجأ إليه عبد السلام
وبعد استعراض تقدم الأعمال مع المهندسين جاء دور طرح المشاكل وما يعانيه منتسبي
المشروع فوجد عبد السلام نفسه أمام فرصة لطرح مشكلة هروبه من المؤسسة وما ترتب
عليها لاحقا أمنيا فشرح للوزير مشكلته بالتفصيل …طمئنه الوزير بان مشكلته ستحل
مع المؤسسة ولا داعي للقلق وعليه الالتفات إلى عملة… لكن الوزير اراد ان يعرف
أكثر عن الحالات المشابهه فأستفسر من عبد السلام عن هذه الحالات المشابهه لحالته فذكر له اسمي
فما كان من وزير النفط إلا ان يأمر مدير مكتبة بتحرير كتاب موجه إلى المؤسسة
لأنهاء خدماتي وخدمات عبد السلام وإعادتنا إلى الشركة التي كنا نعمل بها.
في أحدى الصباحات وجدت كتابا رسميا على طاولتي صادرا من
ادارة المؤسسة ينهي فيه خدماتنا في المؤسسة والعودة إلى وزارة النفط وفي هذا ينتهي
فصلا جميلا من حياتي قضيته بين أصدقاء أعزاء ولأبدأ طريقا جديدا في وظيفة أخرى.
28/8/2021
فلسطين – الأرض المقدسة و أم شجر الزيتون
عرفناها ونحن نقرأ عنها في
درس الوطنية في مدارسنا الابتدائية والمتوسطة وعرفناها بعد ان ذهب الاباء والاقارب
إليها للدفاع عن أراضيها وعن مساجدها وعن اشجار الزيتون فيها وعن كل شبر فيها،
عرفناها أكثر عندما جاء بعض أهلها إلى بلاد العرب يسأل الناس ألحافا وهو يرى قوم صهيون
يغتصب أرضه.
سؤال يردده الجميع على
الأغلب: ما أهمية فلسطين لتشغل قضيتها نصف سكان العالم ؟ وكيف لا وهي صاحبة
التاريخ العريق، وهي بلد كل الأديان السماوية، وارض الرسالات السماوية، ومحطة لكل
الانبياء، فقد أختارها الله لتضم المسجد الاقصى؛ وهو أحدى القبلتين وثالث الحرمين ومنها
عرج النبي محمد ﷺ الى السماء، كما تضم كنيسة القيامة ومهد السيد
المسيح (عليه السلام) وملجئا لليهود في زمن النبي موسى (عليه السلام). كما شهدت
فلسطين هجرة النبي ابراهيم (عليه السلام) إليها مهاجرا من مدينة أور في العراق.
لقد بارك الله تعالى في أرض فلسطين وفي أيقونتها –
المسجد الاقصى- التي ظلت صامده بوجه محاولات اسرائيل في هدمها بحجة البحث عن
الهيكل المزعوم، وهي قبلة الانبياء وهي التي أعطت العالم الحب والسلام وقد سميت
ارضه بالمقدسه او القدس اي الطاهرة التي طهرت من الشرك وجعلت الارض من حولها
مباركة يسكنها الأنبياء.
تتمتع فلسطين بتاريخ كبير، فهي غنية بالأحداث التاريخية
التي لم تشهد بها الكثير من دول العالم، فقد كانت فلسطين واحدة من الدول التي شهدت
على عدد كبير من الحضارات القديمة والحديثة، فيها مثلا مدينة اريجا التي تعتبر
أقدم مدينة موجودة في الوطن العربي، فقد مرت على تلك المدينة حوالي احدى عشر حضارة
منذ ان عرف التاريخ، وقد كانت دائما ما تذكر فلسطين على انها الارض الخضراء الخصبة
والتي تنبت ارضها الكثير من الخير للناس.
ولمدن فلسطين الكثير من الحكايات والأساطير فتلك مدينة
(عكا) لها من الأساطير الكثير وأشهرها ما جاء في سفر أيّوب من العهد القديم تحكي
أنّ البحر الكبير غمر العالم، وعندما وصل إلى شاطئ عكّا وقف مكانه.
وتعرف المدينة باسوارها الشهيرة الذي بناها حاكم المدينة
الشيخ طاهر العمر الزيداني في القرن الـ18 والتي افشلت محاولات نابليون بونابرت
وجيوشه من أقتحامها رغم الحصار الطويل عليها وتعرضها لوابل من قذائف المدفعية،
وبسبب فشل الحملة الفرنسية على عكا، قال نابليون كلمته الشهيرة "تحطمت أحلامي
على أسوارك يا عكا، سلاما لا لقاء بعده".
ولاشجار الزيتون الفلسطينيه حكاياتها وأساطيرها ايضا، وكيف
لا وارض فلسطين تنبت فيها اقدم شجرة زيتون في العالم فقبل عشر سنوات تم اكتشاف
شجرة زيتون عملاقة من قبل علماء يابانيين أطلق
عليها أسم "أم شجر الزيتون" ويبلغ قطر أرضيتها حوالي خمسة وعشرين م2 وقد
أحيطت بسياج لحمايتها من أي اعتداء يغير من واقعها التاريخي الأثري المهم. ويطلق عليها السكان اسم شجرة سيدنا (احمد البدوي) بحيث
يذكر الأهالي أنها وقفية، لذا يخشى الناس التعرض لها بسوء و(احمد البدوي) هو قطب
صوفي شهير قبره في مدينة طنطا الساحلية في مصر، وكان له أتباع كثر من فلسطين وكان
الدراويش يأتون إلى الزيتونة، يشذبونها ويقلمونها ويجمعون الأغصان ليوقدوا نارا
تحتها، بينما يأتي الذين نذروا النذور ليطهون طعاما تقليديا من الأرز والعدس
ويوزعونه على الفقراء، ولكن هذا الطقس لم يعد موجودا في الوقت الراهن.
وترتبط الشجرة بميثولوجيا محلية وحكايات لا تنتهي عن
الحلال والحرام والصدق والكذب، وفعل الخير. إذ تروى أسطورة عن تلك الشجرة، وهي أن
أحد أهالي المنطقة قام بقصف جذع منها ليستخدمه كعصا للفأس (هراوة)، ولكن هذا الجذع
تحول في الليل إلى نوع من الأفاعي السوداء يعرف محليا باسم العربيد أثار الذعر في
المنزل، فما كان منه في صباح اليوم التالي
إلا أن اخذ الجذع وقذفه إلى الشجرة قائلا (خذ جذعك يا سيدنا احمد البدوي)[1] .
كان الأحتلال البريطاني
لفلسطين عام 1917 بعد اندحار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى ووضعها
تحت الأنتداب بعد ان كانت سنجقا في الدولة العثمانية، تمهيدا لسقوط فلسطين بأيدي
اليهود وبداية لنكبتها وتشريد شعبها ، فقد أعطت بريطانيا وعدا لليهود وهو وعد
بلفور المشؤوم، الذي أعطى الضوء الأخضر لليهود لإقامة وطن قومي لهم في فلسطين
بالرغم مما كان يُشكله العرب
ما نسبته حوالي الـ95% منهم (مسلمين ومسيحيين) و5% فقط من اليهود، اما نسبة ملكية
الأراضي لليهود عام 1923 لم تكن تتجاوز 3% من الاراضي الفلسطينية[2]. .
كان القرار البريطاني قد اشعل فتيل المقاومة ضد الغزات
الجدد من الصهاينة وألهب المشاعر العربية والقومية والاسلامية فجاءت الجيوش
لتحريرها من الصهاينة المدعومين بكل قوة من بريطانيا وامريكا التي عملت جاهدة
لقيام وطن قومي لليهود فقامت القوى العالمية بدعم الصهيونية وقدمت لليهود الصهاينة
المال والسلاح للتصدي للمقاومة الفلسطينية والجيوش العربية. بعد الإحتلال البريطاني
لفلسطين، قامت بريطانيا على توفير كافة الحمايات القانونية والامنية والمالية
اللازمة لتحقيق أهداف الحركة الصهاينة.
لم تكتفي القوات الغربية والأمريكية بمساعدة
الصهاينة في المال والسلاح بل راحت ترسم الخطط لتغيير الأنظمة العربية المناهضة
للأحتلال الصهيوني لفلسطين وأصبحت القضية الفلسطينية أحد أهداف الحروب التي جرت
لاحقا في المنطقة، من أجل أبقاء حالة من عدم الاستقرار البلدان العربية والاسلامية
كما قامت القوى الغربية بأغراء بعض الدول الفقيرة بالمال لكسب تأييدها للكيان
الجديد في فلسطين وكسب الأصوات في عصبة الأمم ولاحقا في مجلس الأمم المتحدة لصالح
الصهاينة.
لقد حافظت الحركة الصهيونية على الاستمرارية في تحقيق اهدافها
وأساليبها على مدى القرن الماضي. منذ البداية سعت الحركة الصهيونية لتحقيق أغلبية
سكانية لليهود في فلسطين وإنشاء دولة يهودية على أكبر قدر ممكن من أراضي فلسطين. ولتحقيق
هذه الأهداف تم إستخدام الكثير من الاساليب ومنها تشجيع الهجرة اليهودية وشراء
أكبر مساحات ممكنة من اراضي فلسطين لتصبح وقف غير قابل لتصرف لكل الشعب اليهودي.
كانت هذه السياسة السبب الرئيسي الذي منع السكان العرب الاصليين من تحقيق اهدافهم
الوطنية واقامة دولتهم الفلسطينية، ولنجاح هذه السياسة اُستوجب تشريد الشعب
الفلسطيني من أرضه عندما كان تواجدهم يقف أمام تحقيق الأهداف الصهيونية كما نجحت
الأمبريالية العالمية والصهيونية العالمية في أرساء مفاهيم مغلوطة لا وجود لها في
التاريخ الفلسطيني و العربي او الأسلامي وحتى المسيحي فقد تعرض هو الآخر إلى تشويه
متعمد لشق الصفوف المرصوفة بين المسيحين والمسلمين والتي كانت سائدة قبل دخول
القوات البريطانية إلى فلسطين.
كانت ردود فعل الشعب الفلسطيني تجاه الهجرة اليهودية
وشراء الأراضي والمطالب الصهيونية السياسية منتظماً ومتطابقا بشكل ملحوظ منذ
البداية، وأصروا على أن تبقى فلسطين دولة عربية لها نفس الحق في تقرير المصير والاستقلال
كدول شرق الاردن، مصر والعراق التي منحتها بريطانيا الاستقلال بدون تصادم عنيف.
في الواقع كان الهيكل السياسي للشعب الفلسطيني قد إنهار
بالكامل في اواخر الثلاثينيات بسبب قمع الاحتلال البريطاني للشعب الفلسطيني، وحلّه
للهيئة العربية العليا وإعتقاله للمئات من السياسيين الفلسطينين.
هذا الإنهيار أدى لجهود في الاربعينات من قبل الحكام
العرب لإعادة بناء الهيكل السياسي الفلسطيني وذلك لقلقهم إزاء تدهورالأوضاع في
فلسطين وعواقب الإنهيار السياسي لشعبها.
كان دعم الحكام العرب للفلسطينين في المجالات
الدبلوماسية والعسكرية محدودا إذ كانت الأولوية هي حماية مصالحهم الوطنية. لعدة
عقود إستمر الشعب العربي الفلسطيني بالمطالبة بدولة تعكس الاغلبية العربية في فلسطين
التي تناقصت تدريجيا حتى وصلت إلى 68 فى المائة بحلول عام 1947.
لذلك رفضت غالبية الفلسطينين قرار التقسيم الصادر من
الأمم المتحدة في نوفمبر 1947 الذي منح الدولة اليهودية 55 ٪ من مساحة فلسطين التي
شملت فلسطينيون تعدادهم مساوي لتعداد لليهود[3]. ومع ذلك
فإن الشعب الفلسطينيي إفتقر للقوة السياسية والقوة العسكرية لدعم مطالبهم.
عندما سحبت بريطانيا قواتها فى 15 أيار1948 وأعلان
الصهاينة دولة اسرائيل، تدخل الحكام العرب عسكريا لحماية تلك المناطق التي خصصت
للدولة العربية.
لكن عندما إنتهت حرب 1948 وبعد توقيع اتفاقات الهدنة
1949، تقلصت المنطقة العربية الى 23 فى المائة فقط من فلسطين بحيث سيطر الجيش
المصري على قطاع غزة وجيش شرق الاردن على تلال وسط فلسطين (او ما يعرف الأن بالضفة
الغربية).
وقد هُجر 726,000 فلسطيني بحد ادنى من المناطق التي
تسيطر عليها إسرائيل، وبعد الحرب ضم الامير عبد الله المناطق التي إحتلها جيش شرق
الاردن والتي سميت فيما بعد بالضفة الغربية[4].
ما يحدث اليوم في فلسطين
هو صراع من أجل البقاء ... وما يتعرض له من هدم للمنازل لاقامة مستوطنات أسرائيلية
فيها الا لمحاولات إسرائيلية لطمس الهوية العربية الفلسطينية وهو ما يخالف الأعراف
الدولية وما حالة المقاومة الباسلة التي يبديها الفلسطينون الا لمقاومة الأحتلال
الاسرائيلي للأراض العربية الفلسطينية.